مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٤٢
وكان أبو ذر (رضي الله عنه) يقول: " يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على فيك كما تختم على ذهبك وورقك ".
يا هشام! بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه إذا شاهده، ويأكله إذا غاب عنه، إن أعطي حسده، وإن ابتلي خذله، إن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وإن شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (1).
يا هشام! لا يكون الرجل مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو.
يا هشام! قال الله جل وعز: وعزتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوي في مكاني، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت الغنى في نفسه، وهمه في آخرته، وكففت عليه في ضيعته (2)، وضمنت السماوات

(١) " يطري أخاه إذا شاهده، ويأكله إذا غاب عنه " أي يحسن الثناء ويبالغ في مدحه إذا شاهده، ويعيبه بالسوء ويذمه إذا غاب.
" خذله " أي ترك نصرته.
" البغي " التعدي والاستطالة والظلم، وكل مجاوزة عن الحد.
" وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم " أي ما يقطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حصيدة تشبيها بما يحصد من الزرع، وتشبيها للسان وما يقطعه من القول بحد المنجل الذي يحصد به. النهاية لابن الأثير 1 / 394.
" ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " يقال: هذا أمر لا يعنيني، أي لا يشغلني ولا يهمني.
(2) في بعض النسخ: صنعته.
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة