مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٣٨
بحق أقول لكم: إن من ليس عليه دين من الناس أروح وأقل هما ممن عليه الدين وإن أحسن القضاء، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح (1) هما ممن عمل الخطيئة وإن أخلص التوبة وأناب، وإن صغار الذنوب ومحقراتها (2) من مكائد إبليس، يحقرها لكم ويصغرها في أعينكم فتجتمع وتكثر فتحبط بكم.
بحق أقول لكم: إن الناس في الحكمة رجلان: فرجل أتقنها بقوله وصدقها بفعله، ورجل أتقنها بقوله وضيعها بسوء فعله، فشتان بينهما، فطوبى للعلماء بالفعل، وويل للعلماء بالقول.
يا عبيد السوء! اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم وجباهكم، واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى، ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات، إن أجزعكم عند البلاء لأشدكم حبا للدنيا، وإن أصبركم على البلاء لأزهدكم في الدنيا.
يا عبيد السوء! لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة، ولا بالثعالب الخادعة، ولا بالذئاب الغادرة، ولا بالأسد العاتية، كما تفعل بالفرائس (3)، كذلك تفعلون بالناس، فريقا تخطفون، وفريقا تخدعون، وفريقا تغدرون بهم (4).

(1) " أروح " أي أكثر راحة.
(2) في بعض النسخ: ومحقرتها.
(3) في بحار الأنوار: بالفراس.
(4) " لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة " الحداء: جمع الحدأة: نوع من الجوارح يخطف الأشياء بسرعة.
" ولا بالأسد العاتية " الأسد: جمع أسد. والعاتية: أي الظالمة الطاغية المتكبرة.
" كما يفعل " أي الأسد أو جميع ما تقدم.
" فريقا تخطفون... " على سبيل اللف والنشر، ولما ذكر الافتراس أولا لم يذكر آخرا.
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة