عليك، وهو إبليس الموكل بوسواس من القلوب، فله فلتشتد (1) عداوتك، ولا يكونن أصبر على مجاهدته (2) لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنه أضعف منك ركنا (3) في قوته، وأقل منك ضررا في كثرة شره، إذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت إلى صراط مستقيم.
يا هشام! من أكرمه الله بثلاث فقد لطف له: عقل يكفيه مؤونة هواه، وعلم يكفيه مؤونة جهله، وغنى يكفيه مخافة الفقر.
يا هشام! احذر هذه الدنيا واحذر أهلها، فإن الناس فيها على أربعة أصناف: رجل مترد (4) معانق لهواه، ومتعلم مقرئ (5) كلما ازداد علما ازداد كبرا، يستعلي (6) بقراءته وعلمه على من هو دونه، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته، يحب أن يعظم ويوقر، وذي بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به، فهو عاجز أو مغلوب ولا يقدر على القيام بما يعرفه فهو محزون مغموم بذلك، فهو أمثل أهل زمانه، وأوجههم عقلا (7).