مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٥١
عليك، وهو إبليس الموكل بوسواس من القلوب، فله فلتشتد (1) عداوتك، ولا يكونن أصبر على مجاهدته (2) لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنه أضعف منك ركنا (3) في قوته، وأقل منك ضررا في كثرة شره، إذا أنت اعتصمت بالله فقد هديت إلى صراط مستقيم.
يا هشام! من أكرمه الله بثلاث فقد لطف له: عقل يكفيه مؤونة هواه، وعلم يكفيه مؤونة جهله، وغنى يكفيه مخافة الفقر.
يا هشام! احذر هذه الدنيا واحذر أهلها، فإن الناس فيها على أربعة أصناف: رجل مترد (4) معانق لهواه، ومتعلم مقرئ (5) كلما ازداد علما ازداد كبرا، يستعلي (6) بقراءته وعلمه على من هو دونه، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته، يحب أن يعظم ويوقر، وذي بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به، فهو عاجز أو مغلوب ولا يقدر على القيام بما يعرفه فهو محزون مغموم بذلك، فهو أمثل أهل زمانه، وأوجههم عقلا (7).

(1) في بعض النسخ: فلتشد.
(2) في بحار الأنوار: مجاهدتك.
(3) " أضعف منك ركنا " الركن: العز والمنعة، وأيضا: ما يقوى به، وأيضا: الأمر العظيم، والمراد: أي لا يكن صبره في المجاهدة أقوى منك، فإنك إذا كنت على الاستقامة في مخالفته يكون مع قوته أضعف منك ركنا وضررا.
(4) " رجل مترد " المتردي: أي الواقع في المهالك التي يعسر التخلص منها.
(5) في بعض النسخ وبحار الأنوار: متقرئ.
والمتقرئ: الناسك المتعبد أو المتفقه أي متعلم القراءة.
(6) في بعض النسخ وبحار الأنوار: يستعلن.
ويستعلن بقراءته: كأنه كان يستعلي، ويمكن أن يضمن فيه معناه.
(7) " أمثل أهل زمانه " الأمثل: الأفضل.
" وأوجههم عقلا " لعل المراد أن عقلهم أوجه عند الله من عقول غيرهم، أو هم " بمن يترضاه " أي بمن يطلب رضاه.
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 457 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة