مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٤٥
يا هشام! ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم، فإن عمل حسنا استزاد منه، وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه.
يا هشام! تمثلت الدنيا للمسيح (عليه السلام) في صورة امرأة زرقاء فقال لها:
كم تزوجت؟
فقالت: كثيرا.
قال: فكل طلقك؟
قالت: لا، بل كلا قتلت.
قال المسيح (عليه السلام): فويح لأزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بالماضين؟! (1).
يا هشام! إن ضوء الجسد في عينه، فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله، وإن ضوء الروح العقل، فإذا كان العبد عاقلا كان عالما بربه وإذا كان عالما بربه أبصر دينه، وإن كان جاهلا بربه لم يقم له دين، وكما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحية، فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية الصادقة، ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل.
يا هشام! إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع، ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار، لأن

(١) " امرأة زرقاء " الزرقة في العين معروفة، وقد تطلق على العمى، ويقال: زرقت عينه نحوي: انقلبت وظهر بياضها، فعلى الأول: لعل المراد بيان شؤمتها فإن العرب تتشأم بزرقة العين أو قبح منظرها، وعلى الثاني ظاهر، وعلى الثالث كناية عن شدة الغضب.
" فويح لأزواجك الباقين " ويح: كلمة ترحم تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد تقال بمعنى المدح والتعجب.
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة