مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٣٣
ولا يتقدم على ما يخاف العجز عنه (1) (2).
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوصي أصحابه يقول: أوصيكم بالخشية من الله في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والاكتساب في الفقر والغنى، وأن تصلوا من قطعكم، وتعفوا عمن ظلمكم، وتعطفوا (3) على من حرمكم، وليكن نظركم عبرا، وصمتكم فكرا، وقولكم ذكرا، وطبيعتكم السخاء، فإنه لا يدخل الجنة بخيل، ولا يدخل النار سخي " (4).
يا هشام! رحم الله من استحيى من الله حق الحياء، فحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وذكر الموت والبلى (5)، وعلم أن الجنة محفوفة

(١) " ولا يعد ما لا يقدر عليه " الأظهر فيه التخفيف من الوعد، وإن قرئ بالتشديد من الإعداد، فمعناه لا يمهد أمرا من الأمور حتى يعلم أنه قادر على إتمامه والبلوغ إلى غايته.
" ولا يرجو ما يعنف برجائه " التعنيف: التوبيخ والتقريع واللوم، أي العاقل لا يرجو فوق ما يستحقه، ولا يتطلع إلى ما لم يستعده.
في رواية الكافي: ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه.
" ولا يتقدم على ما يخاف " أي لا يفعل فعلا قبل أوانه مبادرا إليه خوفا من أن يفوته في وقته بسبب عجزه عنه، بل يفوض أمره إلى الله.
وبهذا فقد أشار الإمام (عليه السلام) إلى حزم العاقل واحتياطه في أقواله وتحفظه على شرفه ومنزلته، وتوقفه من الإقدام على ما لا يثق بحصوله.
(٢) إلى هنا تنتهي الوصية في الكافي ١ / ١٣ - ٢٠ ح ١٢، الوافي ١ / ٨٦ - ١٠٦ ح ١٦، مرآة العقول ١ / ٣٨ - ٦٤ ح ١٢.
(٣) في بعض النسخ وبحار الأنوار: وتعطوا.
(٤) " في السر والعلانية " بالنظر إلى الخلق.
" في الرضا والغضب " أي سواء كان راضيا عمن يعدل فيه أو ساخطا عليه، والحاصل أن لا يصير رضاه عن أحد أو سخطه عليه سببا للخروج عن الحق.
" والاكتساب " يحتمل اكتساب الدنيا والآخرة.
(٥) " وما حوى " أي ما حواه الرأس، من العين والأذن واللسان وسائر المشاعر بأن يحفظها عما يحرم عليه.
" والبطن وما وعى " أي ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكونا من حرام.
" البلى " الاندراس والاضمحلال في القبر.
قال في النهاية 5 / 207: الاستحياء من الله حق الحياء: أن لا تنسوا المقابر والبلى، والجوف وما وعى: أي ما جمع من الطعام والشراب حتى يكونا من حلهما.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة