مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٠ - الصفحة ١٤٦
وقد غالى بعضهم بالمرسل واحتج به حتى لو لم يكن مرسله ثقة! (1)، وقدمه عيسى بن آبان الحنفي على المتصل عند التعارض! (2)، وقالوا: من أسند لك فقد أحالك، ومن أرسل فقد تكفل لك (3) واستدلوا عليه بأن سكوت المرسل عن الواسطة الساقطة مع عدالته وعلمه بما يترتب على روايته من الشرع العام، يقتضي أنه كان جازما بعدالة المسكوت عنه، فكأن السكوت عنه كالإخبار عن عدالته (4).
وفيه: إنه لو ساغ أن يقال: إن السكوت عن الجرح تعديل، لساغ أن يقال: أن الإمساك عن التعديل جرح!
وربما قد يترك العدل الرواية عمن يعرف عدالته وجلالته لأسباب كثيرة كعدم التلاقي مثلا، وتركه هذا لا يكون جرحا، وربما قد يروي الجليل عمن عرف جرحه ويسكت عنه، لنظره إلى توفر أسباب أخرى في الرواية غير الوثاقة في الراوي، ومثل هذا السكوت لا يسمى تعديلا.
وقد يكون سكوته عنه بسبب عدم علمه بحال من أرسل عنه من عدالة أو جرح فسكت عن الأمرين للجهل بهما (5).
نعم، يقبل تعديله في حالتين:
إحداهما: لو ذكره باسمه ولم نقف على جارح له.
والأخرى: لو شهد عدل بأنه لا يروي إلا عن ثقة، ووافقت تلك الشهادة قبول العلماء الآخرين وعملهم بمرويات ذلك الشخص على الرغم

(١) وصول الأخيار: ١٠٧، نهاية الدراية: ١٩٣.
(2) كشف الأسرار عن أصول البزدوي 3 / 5.
(3) تدريب الراوي 1 / 104.
(4) قواعد التحديث: 134.
(5) راجع: الكفاية - للخطيب البغدادي -: 388.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست