مسلم بن الحجاج بعدم صلاحية المرسل للاحتجاج، مع أنه قد احتج قبل ذلك بحديث مرسل عن عائشة، فقال: " وقد ذكر عن عائشة أنها قالت: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ننزل الناس منازلهم " (1).
وهذا الحديث وإن أخرجه أبو داود في سننه مسندا إلى ميمون بن أبي شبيب، عن عائشة، إلا أنه قال في ذيله: " قال أبو داود: ميمون لم يدرك عائشة " (2).
ولا يمكن الاعتذار عن مسلم بأنه أورده في خطبة الكتاب لا في أبوابه حتى يكون محتجا به، لأنا وجدناه قد بين منهجه في خطبة الكتاب مستدلا عليه بالحديث، ولهذا نجده قد أسند جميع ما ذكره من الأحاديث في خطبته سوى حديث عائشة وهو علامة الاحتجاج.
على أن محقق الكتاب قد اضطر إلى تخطئة أبي داود على ما قال، لكي يسلم الصحيح من الإرسال!! مع أن نفي المراسيل عن صحيح مسلم مما لا وجه له خصوصا بعد احتجاجه بمرسل أبي العلاء ابن الشخير في صلب كتابه، وقد صرح السيوطي بأن هذا المرسل لم يرو موصولا في صحيح مسلم، ولا موصولا عن الصحابة من وجه يصح (3).
والخلاصة: إن مسلما وإن لم يرد على خصمه بشأن ما قاله عن المرسل، إلا أنه لا يعد بمثابة قوله ما لم يثبت عدم احتجاجه بالمرسل مطلقا، والثابت خلافه.
هذا، وقد احتج من رد المرسل مطلقا، بأن الخبر إنما يكون حجة