مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٩ - الصفحة ٩٧
العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي (عليه السلام) (١): وقد راجت هذه الدسيسة على أكثر النقاد، فجعلوا يثبتون التشيع برواية الفضائل، ويجرحون راويها بفسق التشيع، ثم يردون من حديثه ما كان في الفضائل، ويقبلون منه ما سوى ذلك.
ولعمري إنها دسيسة إبليسية، ومكيدة شيطانية، كاد ينسد بها باب الصحيح من فضل العترة النبوية، لولا حكم الله النافذ ﴿والله غالب على أمره﴾ (٢)، ﴿يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون﴾ (3).
قال: وأول من علمته صرح بهذا الشرط - وإن كان معمولا به في عصره - إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وكان من غلاة النواصب، بل قالوا:
إنه حريزي المذهب، على رأي حريز بن عثمان وطريقته في النصب.
قال: وهذا الشرط لو اعتبر لأفضى إلى رد جميع السنة، إذ ما من راو إلا وله في الأصول والفروع مذهب يختاره، ورأي يستصوبه ويميل إليه، مما غالبه ليس متفقا عليه، فإذا روى ما فيه تأييد لمذهبه وجب أن يرد - ولو كان ثقة مأمونا - لأنه لا يؤمن عليه حينئذ غلبة الهوى في نصرة مذهبه، كما لا يؤمن على المبتدع الثقة المأمون في تأييد بدعته.
فكما لا يقبل من الشيعي شئ في فضل علي (عليه السلام)، كذلك لا يقبل من غيره شئ في فضل أبي بكر، ثم لا يقبل ما فيه دليل التأويل، ولا من السلفي ما فيه دليل التفويض، ثم لا يقبل من الشافعي ما فيه تأييد مذهبه،

(١) فتح الملك العلي: ١٠٩.
(٢) سورة يوسف ١٢: ٢١.
(٣) سورة التوبة ٩: 32.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست