مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٧ - الصفحة ٤٣
يدل على: تدبير حكيم، وحنكة سياسية، ورؤية نافذة، وحزم محكم، قام به الأئمة عليهم السلام في حياتهم السياسية تجاه الظالمين المستحوذين على جميع المقدرات، والذين سلبوا من الأمة كل الحريات حتى حرية انتخاب الموت كما وكيفا ووقتا ومكانا.
فإن خروج الأئمة عليهم السلام بتدابيرهم الحكيمة عن سلطة الحكام في هذه المعركة، وتجاوزهم لإراداتهم، وأخذ زمام الاختيار بأيديهم، وانتخابهم للطريقة المثلى لموتهم، يعد انتصارا باهرا، في تلك الظروف الحرجة القاهرة.
ولقد قلت - عن مثل هذا - في كتابي (الحسين عليه السلام سماته وسيرته) ما نصه:
(وهل المحافظة على النفس، والرغبة في عدم إراقة الدماء، والخوف من القتل، أمور تمنع من أداء الواجب؟!
وتعرقل مسيرة المسؤولية الكبرى، وهي:
المحافظة على الإسلام وحرماته؟! وإتمام الحجة على الأمة بعد دعواتها المتتالية؟! واستنجادها المتتابع؟!
ثم هل تعقل المحافظة على النفس، بعد قطع تلك المراحل النضالية، والتي كان أقل نتائجها المنظورة: القتل؟!
إذ أن يزيد صمم وعزم على الفتك بالإمام على السلام، الذي كان يجده السد الوحيد أمام استثمار جهود أبيه في سبيل الملك الأموي العضوض، فلا بد من أن يزيحه عن الطريق.
ويتمنى الحكم الأموي لو أن الحسين عليه السلام كان يقف هادئا ساكنا - ولو للحظة واحدة - حتى يركز في استهدافه، ويقتله!!
وحبذا لو كان قتل الحسين عليه السلام بصورة اغتيال، حتى يضيع دمه، وتهدر قضيته!!
وقد أعلن الحسين عليه السلام عن رغبتهم في أن يقتلوه هكذا، وأنهم
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست