مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٧ - الصفحة ٢٣٥
والعباس عليه السلام دخل الشريعة (7) وملأ القربة، ولم يذق الماء طلبا للقربة، فليس ذلك نقصا في كماله، بل لو شرب لكان منافيا لجلاله.
ولهذا كانت تحف الله تعالى لعباده المقربين هي البلاء المبين.
وكان البلاء للولاء.
وإن من يحب الله تعالى ينتظر بلاءه.
وكلما كان العبد أقرب إلى الله وأحب كان بلاؤه عظيم.
ولذا قال سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم: (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت).
وأذية عترته عين أذيته، فقد علم بها، وكان يراها رأي العين، ويتحملها قبل وجودها، ولذا كان يبكي حين تذكرها.
الرابع عشر إن مصائب الأئمة عليهم السلام - وبالخصوص الحسين عليه السلام - لها منافع عظيمة لجميع المخلوقين.
أعظمها غفران الله تعالى ورضوانه لمن بكى عليهم، فقد صارت الجنة واجبة لمن دمعت عينه قطرة في رزاياهم.
مضافا إلى ما نرى من إقامة المآتم، ومجامع التعازي، فينتفع بها العالمون منافع دنيوية وأخروية، ويؤيد بها الدين، وتنشر العلوم والأحكام والمواعظ، وتقوى العقائد ويجدد الإسلام سنة بعد سنة، ففي طوال السنة تندرس أعلام الشرع، فإذا هل هلال محرم تجددت حياة الديانة، وهاجت

(7) الشريعة: مورد الشاربة من النهر ونحوه.
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست