والصدمات الواقعة على الجسم، نظير الزناد القادح، فكما أنه لا تخرج النار من الحجر إلا بشدة ضرب الزناد، كذلك التنورات القلبية والأشعة الروحية لا تعقل فعليتها إلا تبلك الآلام والمصائب.
أما سمعت قول سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم لسيد الشهداء عليه السلام: (إن لك درجة لن تنالها إلا بالشهادة).
فتلك الدرجة هي القوة النورية المكنونة في ذاته المقدسة، وفعليتها كانت متوقفة على الشهادة.
الثاني عشر أن تميز الخبيث من الطيب، وبلوغ كل ممكن إلى غايته، التي هي ذاتي الممكنات المستنيرة من ساحة نور الأنوار، متوقف على هذه البليات.
فلولا صبر النبي وعترته الطاهرة صلوات الله عليه وعليهم، لما كان يصدر من الأعداء والمنافقين تلك القبائح والمظالم.
فإن قلت: وما الفائدة في فعلية قبح أولئك الظالمين، ذاتا، وأفعالا، وظهور أحوالهم الخبيثة؟
قلت:
منها: تحرز العباد من تلك الأخلاق والأفعال، فإنه لما يلعنهم اللاعنون ويتبرأ منهم العاقلون، يكون ذلك تحذيرا وتخويفا لمن سواهم، وموعظة بليغة لمن عداهم.
ومنها: كمال معرفة مقام الأولياء، فإنه (تعرف الأشياء بأضدادها).
ومنها: تعذيبهم بأشد العذاب، ويكون الإخبار بذلك مانعا للمؤمنين عن المعاصي في الدنيا، وسرورا لهم في الآخرة.