مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٧ - الصفحة ٢٣٤
ولم يعلم ذلك، ولم ينكشف، إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في يوم كربلاء، حيث كانت العترة الطاهرة يتحملون، ويصبرون كي ينكشف ذلك تمام الانكشاف.
وإنما لم يفعلوا ذلك في حياته صلى الله عليه وآله وسلم لعدم مقتضيه، ولتأييد من الله والملائكة، ومع ذلك، فإن مظالمهم - للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبني هاشم وسائر المسلمين في مكة - قد بلغت الغاية!
ألم يحبسوهم ثلاث سنين في شعب أبي طالب، وقطعوا عنهم الميرة، فبلغ الجوع والضيق بهم ما بلغ؟!
ولولا مهاجرة المسلمين إلى الحبشة والمدينة، لقتلوهم أشد قتلة، سيما بعد قتل النبي صلى الله عليه وآله، إلا إذا كانوا يرتدون إلى الكفر!
الثالث عشر أن العبد إذا علم من نفسه أن البلاء ليس من جهة البعد من الله، بل إنه من جهة قربه إليه تعالى، وحبه له، بظهور كمال صبره ولياقته للمثوبات وعلو الدرجات، وعلم بما ذكرنا من الجهات، يستبشر بتلك البليات، ويشكر الله عليها، ويستأنس بها.
ألم تسمع عن شهداء الطف، كيف كانوا يأنسون لوقع السيوف، وإصابة السهام؟!
فكان عابس بن شبيب قد نزع ثيابه، وحمل عاريا.
وكان سيدهم الحسين عليه السلام كلما اشتد عليه البلاء تهلل وجهه، وزاد نوره، وقوي قلبه.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست