وإنما يقول الشيعة بأن الله تعالى أوحى إلى نبيه من أنباء الغيب، وقد أخبر عن ذلك في قوله تعالى: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك...) الآية (44) من سورة آل عمران (3) وهي مدنية.
وقد استثنى الرسول ممن لا يظهر على الغيب، فقال تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول...) الآيتان (25 و 26) من سورة الجن (72) وهما مكيتان.
فبالإمكان إذن صدور الغيب الإلهي إلى غير الله تعالى، لكن بإذنه تعالى وبوحيه وإلهامه.
وقد ثبت بطرق مستفيضة أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عليا وأهل البيت عليهم السلام بذلك، وقد توارثه الأئمة عليهم السلام، فهو مخزون عندهم.
وقد عنون الشيخ المفيد رحمه الله لباب في (أوائل المقالات) نصه:
(القول في علم الأئمة عليهم السلام بالضمائر والكائنات، وإطلاق القول عليهم بعلم الغيب، وكون ذلك لهم في الصفات) قال فيه:
وأقول: إن الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد، ويعرفون ما يكون قبل كونه.
وليس ذلك بواجب في صفاتهم، ولا شرطا في إمامتهم، وإنما أكرمهم الله تعالى به، وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم.
وليس ذلك بواجب عقلا، ولكنه وجب لهم من جهة السماع.
فإما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب! فهو منكر بين الفساد، لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد، وهذا لا يكون إلا لله عز وجل.
وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن