الحكام الذين حكموا التاريخ الإسلامي قد استغلوا هذه الفكرة لتبرير كل ما يصدر منهم من مخالفات، وحصنوا أنفسهم ضد كل خارج أو معترض، وضد كل محاسبة أو مسألة، فلذلك بقيت الطبقة الحاكمة مطمئنة من أن يثور عليهم عامة المسلمين.
أما الشيعة، الذين لم يلتزموا بهذه الفكرة، ولم يلتزموا بما فرعوا عليها، فإنهم التزموا بالأصول الإسلامية الثابتة، واعتمدوا على أهل البيت النبوي طريقا إلى معرفة أحكام الإسلام، ولم يسكتوا عن التصرفات التي كان الحكام والأمراء والولاة يقومون بها متجاوزين أحكاما ثابتة في الدين، ولم يعترفوا لهم بحق في التعدي على حقوق الله وحقوق الناس، وكان في مقدمة هؤلاء أئمة أهل البيت أنفسهم الذين تولوا أمر الدين، وهم: فاطمة الزهراء، وعلي أمير المؤمنين والحسن والحسين سبطا رسول الله، والأئمة الآخرون، وكذلك العلويون الذين نذروا أنفسهم للتصدي للمخالفات والخروج عن أحكام الدين.
بينما عامة الناس من الطائفة الأخرى تحافظ على عقائدهم الأساسية بالإسلام، وإنما يجدون هم في الالتزام بسنة الصحابة طريقا لتلك المحافظة، ويعدون تصرفات الخلفاء - الذين يمثلون الحكومة الإسلامية - أمورا وقتية، وتصرفات خاصة، تزول وتفنى، ولا يبقى سوى الإسلام بأصوله وشموخه وعظمته، وقد دأب المنظرون التابعون للسلطات في توجيه تلك التصرفات بغرز أفكار انحرافية مثل: الإرجاء، والجبر، والتذرع بالاجتهاد والرأي، وغير ذلك من الأفكار الانحرافية التي تقنع الناس، وتمنعهم من التحرك للإصلاح، ومن أخطر ما بثوه: كفر المعارضة، وخروجها عن الدين ووجوب التصدي لها بأسم الإسلام.
وفي نفس الوقت كان المؤمنون بالإسلام في أصوله الثابتة ومسلماته الأساسية يعارضون كل التصرفات ويفندون الأفكار الموجهة لها، لكنهم