مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ٦٥
إن إغضاء المؤلف عن كل هذه الحقائق، وطرحه للاجتهاد كأن تمر يؤكل، ليس إلا مبتنيا على غرضه في تزييفه وتهوين أمره.
وأما أن الاجتهادات اختلفت، وتشرذم الناس، فهل أن البرلمانات في البلدان الغربية - ذات الحضارة الواحدة - لم تختلف، ولم تختلف شعوبها، في كل بلد حول برلمانه، ولم تختلف تشريعاتها حسب تعدد برلماناتها؟!
وهل لهم (تشريع) واحد؟!
ثم أن الاختلاف في المذهب الفقهي، إنما هو ناشئ من اختلاف في وجهة النظر والفهم للمصادر، وهو يتبع اختلاف المنهج المذهبي في تحديد تلك المصادر ومدى حجيتها، وليس العكس كما يريد المؤلف.
فلو اتحدت الكلمة، واتفقت الروية إلى أصول الدين، وأصول الفقه، لما تعددت المذاهب الفقهية أصلا، إلا بصورة ضئيلة.
فليس الاجتهاد سببا في وجود المذاهب الطائفية، بل المذاهب الطائفية والرؤى الفكرية المتعددة هي السبب في اختلاف المذاهب الفقهية حسب مصادر الاجتهاد عندها.
* البديل الثقافي: ليست أية حضارة معصومة من الأخطاء والعقبات التي تعترض طريقها مهما كانت الأسس والنظريات المبنية عليها رصينة ومحكمة، وحتى تلك المستلهمة من السنن والشرائع الإلهية، لما هو واضح من عدم عصمة الناس القائمين على عملية التطبيق، ما يدخل في خلال ذلك من أهواء ورغبات، أو أخطاء وتصرفات تستند إلى السهو، لكن الهجوم على حضارة ما - مهما كانت - وتخطئتها بالجملة، وبصورة مطلقة، والتركيز على سلبياتها، والتغاضي عن إيجابياتها أمر مخالف لأبسط قواعد العدل والحكمة، ومناف للنظرة الحيادية التي يجب أن يتمتع بهما الباحث الحيادي.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست