مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ٦٦
لكن الذين استهدفوا الإسلام في عصرنا لم ينصفوه في أي جانب، لا في ماضيه ولا حاضره، ولا في عقيدته ولا شريعته، ولا في تاريخه ولا ثقافته ولا تراثه، بل تراهم يشنون الغارة تلو الأخرى على كل ما يمت إليه، وهذا هو دليل واضع على (العقلية التزييفية) التي تسيطر عليهم، وقد جعلت غشاوة على سمعهم وعلى أبصارهم، وفي قلوبهم مرضا هو التشكيك في كل شئ إسلامي!
ومع أن المؤرخين الغربيين يشهدون بأن الإسلام إنما جاء في عصر الظلم والظلمات الجاهلية، ليهب الأرض العدل والنور، وينقذ البشرية من ورطات الوحشية والجهل والرذيلة، فوهب لها الرحمة والعلم والفضيلة، حتى أصبح الشعب المسلم يحمل مشاعل الهدى والخير والعلم ولقرون عديدة، ومع هذا فإن العلمانيين الجدد يتجاوزون هذه الحقيقة، وبكل جسارة ووقاحة، ويركزون على السلبيات التي ابتليت بها الأمة الإسلامية وعلى يد شراذم ممن دخلوا التاريخ بالتزوير، فلا يمثلون الإسلامي في أي عنصر من إيجابياته، ولكن العلمانية تركز على هذه الأمثلة المشوهة لتشويه صورة الإسلام والأمة الإسلامية، وتسكت عن الأمثلة الرائعة التي تزخر بها الحضارة الإسلامي في الحكم والعلم والأخلاق.
ومن أطوار تزييفهم مقارنتهم بين (التقدم التكنولوجي) و (الثقافة الإسلامية) مع أنهما من مقولتين، لا يمكن المقارنة بينهما، فالثقافة الإسلامية لا بد أن تقاس بالثقافة الغربية المعاصرة، حتى يتبين ما بينهما من التفاوت، أما التقدم العلمي والتكنولوجي فلا يكون دليلا على التفوق الثقافي والفكري، بقدر ما هو دليل على المثابرة على العمل واستغلال الظروف والإمكانات، بينما ظلت الأمة الإسلامية، وبفعل الغربيين المستعمرين وعملائهم الحكام في المنطقة، بعيدة عن كل إمكانات العمل الجاد، بل سد أبواب الابداع والاختراع على الشعب المسلم، ومواجهة المبتكرين بالاستهانة، وحتى
(٦٦)
مفاتيح البحث: الجهل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست