متعارفا بل وضروريا للحياة أحيانا، فبيعه حلال وليس دفع الثمن عليه بطريقة الباطل، وإن كانت الاستفادة في الأكل منه لا تزال حراما.
وهكذا يدخل (القصد العقلائي) في شرعية المعاملة في الإسلام، فأين المؤلف من هذه الحقائق التي هي أولية في الفقه الإسلامي، حتى راح يهرج ويناور بما ذكره من الأمثلة التي قد أنهكها فقهاء الإسلام في كتبهم المفصلة وموسوعاتهم الفقهية بحثا وتنقيبا، إلا أنه تتبع بعض المذاهب الشاذة والأقوال النادرة وجمع منها مجموعة ضئيلة، وراح يهرج ويزمر، زاعما أنه قد توصل إلى شئ جديد، مع أنه قد ترك الآراء السديدة، والمناهج القيمة في نفس هذه المسائل التي ذكرها، وليس ذلك إلا قصورا منه لتناول الفقه، أو تعمدا منه للتوصل إلى غرضه في (تزييف الشريعة)!
ولذلك، فإننا أعرضنا عن متابعة ما جاء في القسم الثالث من كتابه والذي شحنه بمثل هذه الترهات حول بعض المسائل الفقهية، اعتمادا على ما جاء في المصادر الأساسية، مع أن أكثر ما ذكره من الاشكالات إنما تعتمد على آرائه التي عدها انتقادا للسنة، وقد أفصحنا عن وجوه تناقضها، فلا تبقى لما أورده أهمية تحتاج إلى صرف الجهد في تفنيدها.
* نظام الحكم في الإسلام:
يؤكد المؤلف على أن الدين الإسلامي خال من أي تشريع يحدد النظام لإدارة البلاد وحكم العباد، ويحاول أن يوحي بأن الحكم الذي كان في البلاد الإسلامية طيلة القرون، إنما هو حكم إسلامي.
فهو يقول في ص 14: (لقد كان الحكم في الإسلام - على توالي العصور - يقوم على الحكم الفردي الاستبدادي المطلق، القائم على إدارة فرد واحد هو الخليفة، أو الإمام، أو السلطان، والذي لا يعلو عليه إمام ولا