مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ٦٠
حكموا - فعلا - البلاد الإسلامية، فهذا شئ آخر، والتاريخ الماثل لا يقوم إلا على أساس ضبط ما هو الحادث من تسلط مجموعة من الناس بأسم الدين، وأما السلطة التي يفرضها الدين، وقررت لها الشريعة الإسلامية أصولا، وطرفا وأحكاما، فلها وقع آخر غير ما حدث وكان.
ويحاول العلمانيون أن يوحوا بأن الموجود والمقروء من التاريخ هو الذي يمثل حقيقة سلطان الدين، إذ بعد تفريغهم للدين من أي نظام صالح للإدارة والحكم، تبقى هذه السلطة بيد المسيطرين على دفة الحكم فهم المستفيد الوحيد من كل صلاحيات سلطة الدين، والأنظمة الحاكمة هي تقلب الأمور إلى (دين وتشريع) وتستفيد منها، وتبلور كل شئ حسب حاجاتها ورغباتها، فقد تثير حقا لتستغله، وقد تحيي بدعة لتفرضها فتكون حقا ثابتا في الشريعة، وحتى لو فرض وجود سلطة للدين، فإنها في هذا الإطار لا يمكن تحققها، بل تفقد حيويتها ومصداقيتها للنظام الصحيح، عند الجماهير.
وهذا الايحاء فيه تعمد إلى إلغاء وعي الجماهير، وفصلها عن كل من الدين وفهمه، ومن السلطة والإدارة.
ولكن لو كان للدين سلطة، ولو في بطون الكتب، وواقع المعرفة الدينية، وما دام وعي الجماهير كافيا للوقوف أمام كل سبل التأطير للدين واستغلال سلطته، وتوظيف اسمه وأفكاره في سبيل الأطماع السلطوية، فهذا واقع ودليل حي على إمكان إحياء سلطة الدين؟!
فلماذا يحاول العلمانيون، أن يغمضوا أعينهم عن ذلك الأمر الواقع، ويحاول إنكاره وتزييفه؟! ولماذا يريدون أن يفرغوا الجماهير من كل وعي ومعرفة وإدراك للإسلام، ويفرضوا عليه حتميات دبرت بليل من قبل الغرب وعملائه؟!
ولماذا يصطفون اليوم إلى جانب النظم السياسية الراهنة، في مواجهة المد الإسلامي، والصحوة الدينية لدي الجماهير المنادية بتطبيق الشريعة
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست