مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١١٠
وأما جواب القاضي المغربي في (البدر التمام) (82) عن كلام ابن حجر المتقدم آنفا: بأن الجمع الصوري أيسر من التوقيت، إذ يكفي للصلاتين تأهب واحد وقصد واحد إلى المسجد ووضوء واحد بحسب الأغلب بخلاف الوقتين، فالحرج في هذا الجمع لا شك أخف. انتهى.
فإنه غريب جدا، لأن ابن حجر أراد أن الجمع الحقيقي أخف من الجمع الصوري كما هو كذلك في نفس الأمر، ويعضده ما مر من كلام الخطابي وتعليل ابن عباس، وأما هذا الكلام فإنما يصلح جوابا لمن قد يزعم أن التفريق والتوقيت أيسر من الجمع الصوري - ولا أعلم أحدا يقول به - والحافظ ابن حجر ما قصد شيئا من ذلك.
وهذا ناشئ من عدم الوقوف على حقيقة كلامه.
الثالث: ما دل عليه تعليل ابن عباس - رضوان الله عليه - لجمعه صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا تعليله عليه وآله الصلاة والسلام - فيما أخرجه الطبراني في الأوسط والكبير عنه - بقوله: (أراد أن لا يحرج أمته) فنفي الحرج وإرادته التوسعة دليل - وأي دليل؟! - على أن المراد بالجمع هنا الجمع الحقيقي دون الصوري.
بيان ذلك: أنه لا يتم التعليل مع الجمع الصوري، إذ أن الحرج - حينئذ - لا يرتفع والتوسعة لا تتحقق، بل إن أوائل الأوقات وأواخرها قد لا يدركها الخاصة فضلا عن العامة، ولما كان انتفاء رفع الحرج على هذا التقدير معلوما لم يكن ذلك متوقفا على فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأن الصلاة إذا أديت في وقتها فلا فرق حينئذ - من حيث الإجزاء - بين إتيانها في أول الوقت وآخره - وإن كان أول الوقت أفضل بلا خلاف - ولا أقتضى تناقل الصحابة له.

(٨٢) كما نقله عنه الأمير الصنعاني في سبل السلام ٢ / 43، والقنوجي في فتح العلام 1 / 195.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست