مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٧ - الصفحة ١٧
ويرجع هذا الاختلاف بين هاتين المدرستين الاسلاميتين الفكريتين في المنهج العلمي الذي التزمته كل واحدة منهما، إلى وفرة النصوص الشرعية بالكمية الكافية لتزويد أتباع المدرسة بما يحتاجون إليه في مجال معرفة الأحكام عند مدرسة أهل البيت، وعدم توفرها بالكمية الكافية لذلك في مدرسة الصحابة، وذلك أن الإمام عليا كان يدون ويكتب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولا بأول، في كتاب عرف عند الأئمة من أبنائه باسم (كتاب علي).
بينما منع الخليفة عمر من تدوين الحديث وكتابته، واستمر هذا المنع حتى أيام الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز حيث أمر بتدوين الحديث.
وامتد وضع المدرستين المذكورتين على هذا حتى عهد معاوية بن أبي سفيان حيث تحولتا إلى طائفتين: طائفة السنة وطائفة الشيعة.
إذ لم يؤثر تأريخيا مدة حكم الخلفاء الراشدين أن أطلق اسم السنة على الفرقة المعروفة بهذا الاسم، كما أنه لم يرو أن استعمل اسم الشيعة كعلم واسم رسمي لاتباع أهل البيت.
وممن ألمح إلى هذا الشيخ الأنطاكي في كتابه " لماذا اخترت مذهب الشيعة - مذهب أهل البيت، ط. 3) ص 135 - 136، قال: " وقد سمى معاوية نفسه ومن إليه ب‍ (أهل السنة والجماعة)... ".
ويرى النوبختي في كتابه " فرق الشيعة " أن تحول المدرستين إلى طائفتين كان في عهد علي ومعاوية وإطلاق الاسمين كان في عهد بني العباس، يقول: " بعد مقتل عثمان وقيام معاوية وأتباعه في وجه علي بن أبي طالب وإظهاره الطلب بدم عثمان واستمالته عددا عظيما من المسلمين إلى ذلك، صار أتباعه يعرفون ب‍ (العثمانية) وهم من يوالون عثمان ويبرأون من علي!
أما من يوالونهما فلا يطلق عليهم اسم العثمانية.
وصار أتباع علي يعرفون ب‍ (العلوية) مع بقاء إطلاق اسم الشيعة عليهم.
واستمر ذلك مدة ملك بني أمية.
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست