الفرد غير العادي، فإن هذا العدد من الرواة بهذه الخصائص لو حصل لكل إنسان عادي لحصل له القطع بوقوع المخبر به من نفس الكثرة العددية، بحيث يكون لأخبار هذا العدد ملازمة عادة ونوعا مع وقوع المخبر به وحصول القطع به، وهذا يعبر عنه ب " الملازمة العادية " وقد بحث عن هذه الفكرة في بحث الاجماع ونقل التواتر في مختلف الكتب الأصولية فلتراجع، وتقابلها " الملازمة الاتفاقية " بأن يحصل لشخص ما القطع بوقوع المخبر من أقوال جماعة من دون أن يكون بين أقوالهم والمخبر به ملازمة عقلية أو عادية موجبة لحصول القطع لغير هذا الشخص، فتكون هناك ملازمة اتفاقية وشخصية مع وقوع المخبر به وحصول القطع به، ولكن هذا لا يحصل لكل أحد بل للبعض اتفاقا، فلا يملك حالة نوعية عادية بل شخصية اتفاقية.
ونحن نعلم أن المنقول إليه، لم يحس بنفسه بالمخبر به وإنما الذي أحس بالمخبر به - بإحدى الحواس - هو الناقل والمخبر لذلك لا يحصل القطع للمنقول إليه بمجرد إخبار ناقل واحد، بل لا بد أن يكثر عدد الناقلين إلى عدد يكون المنقول إليه وكأنه أحس بالمخبر به بنفسه ليحصل له القطع به، فالمخبر به وإن كان أمرا حدسيا بالنسبة للمنقول إليه، لأنه لم يحس به، ولكن بتحقق التواتر والقطع به، يصبح المخبر به أمرا حدسيا قريبا من الحس وكأنه قد أحس به.
يقول الشيخ الأنصاري في الرسائل في موضوع الاجماع: " إن خبر مائة عادل أو ألف مخبر بشئ مع شدة احتياطهم في مقام الإخبار يستلزم عادة لثبوت المخبر به " فإن كثرة الناقلين لأمر حسي كموت زيد مثلا، له ملازمة عادية مع ثبوت المخبر به وتحقق القطع بحصوله خارجا للمنقول إليه، فعبر بالملازمة العادية.
ففي صدق التواتر على الخبر وتحققه يكفي حصول العلم للنوع وللأفراد العاديين التي تخلو أذهانهم عن الشبهات والعوامل التي توجب عدم حصول اليقين من الخبر المتواتر، ومما يؤكد هذا المعنى ما ذكر في البداية والعالم عن السيد المرتضى أنه قد لا يحصل العلم من التواتر للبعض، ممن يعتقد ببعض الشبهات،