لا تقول في استقام: (استقوم) ولا في استساغ: (استسوغ)... إلى آخر) (85).
وحتى في باب الذي عقده للاستحسان، فإنه بعد أن ذكر أمثلة خارجة على أبوابها، علل ذلك بأنه: (يخرج ليعلم به أن أصل استقام: استقوم، وأصل مقامة: مقومة وأصل يحسن: يوحسن، ولا يقاس هذا، ولا ما قبله، لأنه لم تستحكم علته، وإنما خرج تنبيها وتصرفا واتساعا) (86).
وعقب على قول الشاعر: (أقائلن أحضروا الشهودا) بقوله: (فألحق نون التوكيد اسم الفاعل تشبيها له بالفعل المضارع، فهذا إذن استحسان، لا عن قوة علة، ولا عن استمرار عادة، ألا تراك لا تقول: أقائمن يا زيدون، ولا: أمنطلقن يا رجال، إنما تقوله بحيث سمعته، وتعتذر له، وتنسبه إلى أنه استحسان منهم على ضعف منه، واحتمال بالشبهة له) (87).
فإذا تم هذا، وكانت هذه الأمثلة راجعة إلى القول بتخصيص العلة القياسية، فهي إذن ليست من باب الاستحسان المصطلح عليه، لأن الاستحسان شئ، وتخصيص العلل شئ آخر (88)، وأصحاب ابن جني من الحنفية - الذين تابعهم في تأصيل الاستحسان في النحو لأنهم أصلوه في الفقه - هؤلاء في الوقت الذي يلتزمون به صحة القول بالاستحسان، يذهبون إلى فساد القول بتخصيص العلل (89).
2 - وفي حالة الفرض بأن القول بالاستحسان قول بتخصيص العلة القياسية - كما يراه بعضهم - وإن كان ذلك خطأ عند أصحاب ابن جني من الأحناف - (90) نعود لمناقشة الذين يذهبون إلى أن هذا الاستحسان دليل من أدلة