مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١٣٥
الفرزدق، وتجنب الاعتراف إما لعدم اهتمامه، أو اعتمادا على اعتراض غيره، كما سكت معاصرو عبد الله بن أبي إسحاق حين اعترض الفرزدق، وخطأه بقوله:
مستقبلين شمال الشام تضربنا * بحاصب من نديف القطن منثور على عمائمنا تلقى وأرجلنا * على زواحف تزجى مخها رير فقال: إنما هي (رير) بالضم... ثم حاول أن يصلح له البيت: (على زواحف نزجيها محاسير) (78) أو لعلهم سكتوا خوفا من لسان الفرزدق لأنه هجا ابن أبي إسحاق حين اعترضه:
ولو كان عبد الله مولى هجوته * ولكن عبد الله مولى مواليا (79) وهذه الاحتمالات، أو أكثرها واردة على الحادثة وأمثالها، ومع ورودها لا يمكن التحقق من أن قول الفرزدق بلغ كل العرب، وأنهم حين بلغهم سكتوا ولم يعترضوا، وأن سكوتهم كان عن رضى بقوله، حتى يتم هذا الاجماع!!
4 - أن الفرزدق ممن يحتج بأقوالهم عادة، وتكلف الاجماع على مثله - سكوتيا أو غير سكوتي - ضرب من العبث لا طائل تحته، على أن (ما) هنا تسمى (الحجازية)، ولا بد أن الفرزدق نطق بها على لغتهم، لأنهم هم الذين يعملونها، والتميميون يخالفون في ذلك، فيكف يعتبر سكوتهم عن رضى، لنكون بذلك إجماعا!
4 - الاستحسان والاستحسان من أدلة الحنفية، وقد رده الشافعي وكتب فيه (إبطال الاستحسان) ولذلك لم يعتبره الأنباري والسيوطي من أدلة النحو، لأنهما شافعيان!! ومن تعاريفه عند الحنفية أنه: (ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس) (80) على أساس أن العلة القياسية - وإن كانت ظاهرة - إلا أن العمل بها

(78) الشعر والشعراء - لابن قتيبة -: 35.
(79) الشعر والشعراء - لابن قتيبة -: 35.
(80) المبسوط - للسرخسي - 10 / 145.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست