مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١٤٢
واحد منها، فلا يشذ عن هذا الحكم، فالمسألة إذن خاضعة للقياس المنطقي (الاقتران)، لا للاستصحاب، وتكون مقدمات القياس هكذا: (صيغة الأمر فعل، وكل فعل مبني، إذن صيغة الأمر مبنية).
وكذلك إذا كان المقصود أن: كل فعل غير ما شبه للاسم مبني، وفعل الأمر غير مشابه للاسم، إذن هو مبني.
ب - وإن كان المقصود من الاستصحاب هنا: أننا كنا على (يقين) من أن الأفعال كلها مبينة، لأنها تتحمل المعاني الإعرابية كالأسماء، ثم حصل لنا (شك) - أو يقين آخر - بأن بعضها يتحمل المعاني الإعرابية لمشابهته الاسم، فذلك يقتضي نقض اليقين السابق، أي نقض الأصل، لأن الذي حصل إن كان يقينا فقد نقضنا اليقين السابق بيقين مثله، وإن كان (شكا) فليس هو شكا في استمرار اليقين السابق حتى نستصحبه، وإنما هو شك في أصل وجود اليقين، أي أن الزمن الذي تيقنا به أن الأفعال كلها مبنية انتقض هو نفسه، فقد ظهر لنا فيه أن بعض الأفعال غير مبني، فزال ذلك اليقين.
2 - على أن المسألة خالية من (اليقين) أصلا، وكلها ظنون يختلف فيها النحاة بحسب اجتهادهم وإن سموها (أصولا)، فالبصريون يرون أن (أصل الإعراب للأسماء فقط) والكوفيون يرون أن (أصل الإعراب للأسماء والأفعال، وأصل البناء للحروف) (99) وليست هناك قاعدة عقلية أو غير عقلية تقول: (لا تنقض الظن بالظن) حتى تكون مجالا للاستصحاب.
3 - أن بعض النحاة المتأخرين، ومنهم الأنباري والسيوطي وبعض الدارسين المحدثين، يحملون قدماء النحويين - بصريين وكوفيين - حتى سيبويه والخليل (100) استدلالهم بقاعدة الاستصحاب، لأنهم قالوا - مثلا -: وهذا (مخالف للأصل) أو (موافق للأصل) أو (وهو الأصل)، أو استدل بعضهم بقاعدة

(٩٩) الإيضاح - للزجاجي -: 78.
(100) أنظر الدكتورة خديجة الحديثي في كتابها (الشاهد وأصول النحو في كتاب سيبويه): 448 - 464.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست