مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١٤١
يعارض بقاء المتيقن واستمراره فقط، لا أنه يسري إلى اليقين السابق، في ظرف وجوده، فيزلزله من أساسه، لأنه حينئذ لا يبقى شئ يمكن استصحابه.
ولتوضيح فكرتهم عن ذلك نضرب المثل الآتي:
لنفترض أني كنت في يوم (الجمعة) على يقين من أن (هندا) هي زوج (عمرو)، واستمر هذا (اليقين) إلى يوم السبت حيث سمعت بخصومة وقعت بينهما، حصل لي منها (شك) أو (ظن) بطلاقها وانتهاء زوجيتها، فيقال لي حينئذ: كنت على يقين من (بقاء) الزوجية، ولم يحصل لك يقين آخر بانقطاعها، وإنما حصل لك شك (ولا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك) (96) أما إذا افترضنا بأن شك يوم (السبت) لم يعارض استمرار اليقين فقط، وإنما رجع القهقري إلى يقين يوم الجمعة فزلزله من الأساس، فلم تعد الزوجية ثابتة لنستصحب بقائها.
على ضوء ذلك نعود إلى تطبيق النحاة لقاعدة الاستصحاب في المسائل النحوية، وهم يعرفونه بما يشبه تعريف الأصوليين: (إبقاء حال اللفظ على ما يستحقه عند عدم دليل النقل عن الأصل) (97).
ثم يضرب ابن الأنباري لذلك مثلا فيقول:
(ومثال التمسك باستصحاب الحال في الفعل أن نقول في فعل الأمر:
الأصل في الأفعال البناء، وإنما يعرب منها ما يشابه الاسم، وهذا الفعل لم يشابه الاسم، فكان باقيا على أصله في البناء) (98).
وأنا - في حدود جهدي - لا أعرف كيف يمكن تطبيق الاستصحاب هنا، ولا يوجد (يقين) نشك في استمراره وبقائه!! ومع ذلك فلنلاحظ ما يأتي:
1 - ما المقصود من استصحاب الحال هنا؟!:
أ - فإن كان المقصود: أن الأفعال كلها محكومة بالبناء يقينا، وفعل الأمر

(96) إحدى النصوص التي يستند إليها الأصوليون، راجع: فرائد الأصول.
(97) اللمع: 87، والاقتراح: 72.
(98) اللمع: 87، والاقتراح: 72 - 73.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست