مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١٠٣
وليس المهم هنا هو معرفة تأثر النحاة بالأصوليين، ولكن المهم أن نسأل عن الطريقة التي اتبعها هؤلاء النحاة في تأصيل هذه الأصول، لنحكم بعد ذلك على مقدار قيمتها.
الطرق المتبعة لتأسيس الأصول المعروف أن النحو ولد أشبه ما يكون بالصناعة الكاملة - من ناحية المنهج والاستنتاج - في كتب المدرستين القديمة، وبخاصة في كتاب سيبويه ومعاني الفراء، وإذا كانت هناك إضافات تستحق الذكر، بعدهما، فهي بلا شك حدثت قبل تأسيس الأصول النحوية هذه، وذلك لأن النحو بعد القرن الرابع بدأ يلوك نفسه، ويدور - كما هو معروف - في حلقة مفرغة من التعليلات والأوهام، ولكنها لا تخرج غالبا عما جاءت به المدرستان من مسائل وأحكام.
والذي نعرفه عن (الأصول) - أية أصول سواء أكانت للفقه، أم للنحو، أم للأدب، أم لأي فن آخر - م هي إلا مناهج وأصول بحث تقوم عليها أحكام ذلك الفن وقضاياه، من أجل ذلك ينبغي أن تكون أصول البحث في رتبة سابقة، أو موازية للبحث أو المبحوث فيه، وهذه طبيعة كل أساس يراد البناء عليه، فماذا يراد إذن بهذه الأصول التي جاءت متأخرة جدا عن النحو، باعتباره صناعة قائمة، هذه الأصول التي استعارها (مبتكروها) من أصول علم آخر قام جنبا إلى جنب مع النحو، وبدأ بناة العلمين معا يقيمونهما في عصر متقارب، ولا بد أن يكون لكل منهما أسسه ومناهجه الملائمة لطبيعته؟
من حيث الأساس هناك تفسيران مقبولان لتدوين أصول أي علم بعد قيامه واكتماله:
1 - الطريقة التأسيسية النظرية:
وهي أن يكون هذا التدوين (نقديا نظريا) وذا طبيعة جدلية منطقية، أي أن واضعي تلك الأصول نظروا في أحكام ومسائل الفن القائم، فلم تعجبهم
(١٠٣)
مفاتيح البحث: الجنابة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست