مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٧٤
فكيف نجمع بين هذه الروايات المختلفة؟
1 - ولكن - وكما لا حظنا في فصل سابق - فإن الروايات والأدلة لم تجمع على أبي الأسود فحسب، بل إن أكثر الروايات، بل ما يقارب الاجماع تنسب وضع النحو للإمام - عليه السلام -، وأنه تلا بعض القواعد الرئيسية على أبي الأسود وأشار عليه أن يواصل البحث من خلالها، فوسع فيها أبو الأسود وأضاف إليها قواعد وآراء أخرى اكتشفها من خلال بحوثه وتجاربه في هذا المجال، أو كما يقول عبد الرحمن السيد: " وهذه الروايات تكاد تجمع أيضا على أن أبا الأسود وضع النحو بإرشاد علي - رضي الله عنه - وبعضها يروي ذلك على لسان أبي الأسود نفسه، وقلة منها تجعل أبا الأسود هو مبتكر هذا العلم ومبدعه دون أن يطلب إليه ذلك أحد أو يوجهه فيه موجه " (98).
فإذا اعترف أبو الأسود نفسه بأخذه النحو من الإمام - عليه السلام - واعترف بهذه النسبة نفس القائلين بوضع أبي الأسود للنحو وهي أكثر بكثير من الروايات التي تنسب وضع النحو لأبي الأسود بصورة مستقلة، بل ربما قام الاجماع على ذلك. هذه المرجحات وغيرها ترجح الرأي والروايات التي تدل على دور الإمام - عليه السلام - في وضع النحو، بينما الروايات التي تعتبر أبا الأسود مستقلا في وضع النحو لا تملك مثل هذه المرجحات التي تملكها تلك الروايات التي تدل على دور الإمام - عليه السلام - في وضع النحو.
2 - إننا لو تتبعنا " نهج البلاغة " وأحاديث الإمام - عليه السلام - في مختلف المجالات، ومن خلال سيرته الفكرية والحياتية - بغض النظر عن مقدرة الإمام المعصوم كما يؤمن بها الشيعة - لرأينا أن الإمام أوسع من أبي الأسود ثقافة واطلاعا على لغة العرب، وأكثر تركيزا ووعيا في شتى القضايا وأكثر فهما واهتماما لاحتياجات المسلمين، وبالحفاظ على القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، فعندما ننسب النحو لأبي الأسود فمن طريق أولى نسبته للإمام - عليه السلام - على أساس

(98) مدرسة البصرة النحوية: 49.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست