فيه، لأن المفروض وجود أمر واحد، ولا يكون لقولهم: " الأمر يقتضي الإجزاء " معنى، كما حرر في محله.
وخامسا: أن الشارع أمره بإتمام حج التمتع، الواجب في ذمته، في الاستئجار على هذا الوجه، وهو نقله إلى الإفراد، فلو لم يجزئه عما في ذمته لم يكن ما أتى به تمام المراد منه، المأمور به، هذا خلف (45).
بل نقول: إنه لا يصح من الحكيم الأمر به، بل كان الواجب أن يشرع له التحلل بعمرة مفردة، ويكون كمن فاته الحج، لأنه شرعت لكل من فاته الحج، أو يكون حاله حال المصدود أو المحصور، فتكليفه بهذه المشاق الكثيرة، التي لا يستحق عليها أجرة، ولا يجزئ عن الميت مع نية أنها عنه، مخالف لمحاسن الشريعة وقواعدها، والمفروض أنه غير مقصر حتى يكون كمن أفسد حجه.
وبتقرير آخر أنه: إذا جاز العدول، وأنه مأمور به، كان حجه صحيحا، والصحيح - عند الفقهاء - ما أسقط القضاء والإعادة، ولم تشتغل ذمة النائب إلا بالأداء عن الميت، فإذا صح حجه، سقط قضاؤه عن ذمة الميت، إذ المفروض أنه لا تقصير له حتى تشتغل ذمته بعقوبة.
وما يقال إنه مسقط (46) للقضاء - بالنسبة إلى هذا الأمر - ففيه: أن المراد إسقاط القضاء بالنسبة إلى كلي التكليف، مضافا إلى ما مر لأن الصحة والإجزاء في العبادة بمعنى.
ونعم ما قال المحقق الثاني رحمه الله تعالى (47): إن عقد الإجارة وإن اقتضى الإثبات بما شرط عليه، إلا أنه إذا أتى بالحج بحيث يكون صحيحا شرعيا، لا يقدح فيه الاخلال ببعض الأمور المشترطة عليه لعذر كما لو لم يدرك من وقوف عرفة إلا اضطراريه، مع اختياري الآخر (48) مثلا، فإن ذلك لا يقدح في وقوع الحج المستأجر عليه، وأن عقد الإجارة على الاختياري.