ثم إنه لا ينبغي للأستاذ أخذهما - أي العسر والحرج - دليلا ولا مؤيدا، لأن هذا الرجل إن كان قد فاته الحج - كما نبه عليه في أثناء كلامه - فقد شرع الله تعالى عز وجل مخلصا شارعا عن ذلك بالعمرة المفردة، فإنها شرعت لكل من فاته الحج إجماعا مستفيضا، حتى حكاه في المدارك (14)، فيتحلل بها، ويمضي إلى بلده، ولا عسر ولا حرج.
وإن كان لم يفته الحج فقد فرض الله تعالى سبحانه له العدول، والإجزاء على المختار.
نعم تجئ المشقة والتكليف على ما يحتمله الأستاذ، حيث أنه يجب أن يعدل، ويأتي بتمام أفعال الحج، ثم يأتي بعمرة مفردة، من دون استحقاق أجرة، ومن دون إجزاء عن الميت.
وإشكال الأستاذ سيدفع بأربعة أمور، كل واحد منها كاف في دفعه، كما سنرقيه إلى نظره العالي الشريف، إن شاء الله تعالى.
قال الأستاذ: فأرجو أن يكون الحكم - أي الإجزاء - كذلك - أي كالحكم فيمن مات محرما، بعد دخول الحرم - لظهور الإجزاء هنا نصا وفتوى، مع التصريح بلفظ الإجزاء في بعض الفتاوى، لكن لا محيص في الفتوى بمجرد ذلك، لتوقف الظهور المزبور على الدليل، ولم نجد سوى الإجماع، وهو إن تم فإنما في الحكم، لا دلالة اللفظ.
قول الأستاذ: لظهور الإجزاء هنا - من لفظ الجواز - نصا وفتوى.
إن كان مراده به أنه ظهر له الإجزاء من لفظ الجواز من نص، كان حجة مستقلة، إذ ما بعد الظهور - من النص والظن بذلك - من حاجة إلى شئ آخر، وإن كان الظهور من النص من قرائن أخر.
وكذلك إذا كان المراد أنه ظهر له ذلك من لفظ الجواز الوارد في النص.
نعم، إن كان المراد أنه ظهر له ذلك في النص لا منه، توقفت حجية هذا الظهور - الذي هو بمعنى الظن - إلى دليل، عند من لا يذهب إلى [أن] (15) كل ظن للمجتهد حجة، وأما عنده - أيده الله تعالى - فلا.