فبأي كف أستجن وأتقي * صرف النوائب أم بأي دعاء ومن الممول لي إذا ضاقت يدي * ومن المعلل لي من الأدواء؟
ومن الذي إن ساورتني نكبة * كان الموقى لي من الأسواء؟
قد كنت آمل أن يكون أمامها * يومي فتشفق أن تكون ورائي إلى أن يقول:
كان ارتكاضي في حشاك مسببا * ركض الغليل عليك في أحشائي (162) ولعلنا تلمسنا بوضوح يد والدته عليه حين كانت تقيه النوائب، وتنفق عليه، وتواسيه في المحنة، وأي صراحة من قوله: " ومن الممول لي إذا ضاقت يدي... "، ولعله يشير إلى تلك الفترة القاسية التي مر بها وهو صبي بعد، وقد أودع والده الإقامة الجبرية في فارس طيلة المدة من 369 - 376 ه.
على كل حال فمن الممكن أن نجزم بأن الرضي عاش أبيا، يحمل في جنبه نفسية كريمة لن تقبل بالمنة، ولا ترضى بالمذلة، وهو يعبر عن هذه الخاصة فيقول:
فوالله لا ألقى الزمان بذلة * ولو حط في فودي أمض غروبه قنعت، فعندي كل ملك نزوله * عن العز العلياء مثل ركوبه (163) ومن هذا العرض السريع إلى نفسيته وإباحة نكاد نجزم بأن الشريف الرضي لم يمدح أحدا مهما كانت سمته من أجل المال، إنما لغاية أسمى، إذا فما هي؟
3 - الوصول إلى الخلافة:
الحديث عن الشريف الرضي شيق وطويل، ويمكن أن يمتد لينتهي إلى مؤلف كبير وكتاب واسع، وحيث أننا اخترنا أن يكون الحديث في حدود الطموح الذي عشقه الشاعر فهام به - فلا نخرج عنه - ولم يأبه بكل ما يحيط به من مهاوي وأهوال، فهو ابن بجدتها لا يخشى رهقا، أو يهاب ضيما، إنه الرجل الذي غامر من أجل أمنيته، فناغاها بكل فخر قائلا: