أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا، وهو باق ما بقي الدهر (3).
هكذا بدأ العلمان حياتهما الفكرية والعلمية، ونشئا وترعرعا في مدرسة أستاذ واحد، غير أن كل واحد انطلق حسب ذوقه ومواهبه الطبيعية، وفي مجاله الخاص، فركز الرضي اهتمامه على العلوم الأدبية والشعر والحديث والتفسير، وهو يتولى نقابة الطالبيين، إلى غير ذلك من مهام الأمور.
بينما صب المرتضى جهوده على الفقه والكلام ثم التفسير، ونبغ كل واحد منها في مجال خاص، مع اشتراكهما في سائر المجالات العلمية والفكرية.
ولأجل ذلك نجد أن الرضي يراجع أخاه المرتضى في المسائل الفقهية ويطلب منه حلها.
قال الشهيد الأول في (الذكرى)، والشهيد الثاني في (الروض) في مسألة الجاهل بالقصر في السفر - حيث أن الإمامية تذهب إلى صحة صلاة الجاهل بالحكم إذا أتم مكان القصر - سأل الرضي أخاه المرتضى وقال: إن الإجماع واقع على أن من صلى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية، والجهل بأعداد الركعات جهل بأحكامها فلا تكون مجزية، (فكيف تكون صلاة الجاهل بوجوب القصر إذا أتم صحيحة) فأجابه المرتضى بجواز تغير الحكم الشرعي بسبب الجهل، وإن كان الجاهل غير معذور (4).
ما ينبئ عن أن المرتضى يرجع إلى أخيه الرضي في الفنون التي برع فيها أخوه، روى السيد نعمة الله الجزائري قال: دخل أبو الحسن، على السيد المرتضى - طاب ثراه - يوما، وكان المرتضى قد نظم أبياتا من الشعر، فوقف به بحر الشعر فقال: يا أبا الحسن خذ هذه الأبيات إلى أخي الرضي قل له يتمها وهي هذه:
سرى طيف سلمى طارقا فاستفزني * سميرا وصحبي في الفلاة رقود فلما انتبهنا للخيال الذي سرى * إذ الأرض قفر والمزار بعيد فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي * لعل خيالا طارقا سيعود قال أبو الحسن: فأخذت الأبيات، ومضيت إلى السيد الرضي، فلما رآها قال: علي بالمحبرة فكتب: