بها الشريف.
والظاهر أن هذا اللون من المديح يكاد يكون واحدا في خطوطه العامة إلا اللهم من ناحية الانشاء، فإنه كان مع الخلفاء ينشدها أمامهم، أما مع ملوك بني بويه وغيرهم فكان يرسل القصائد إليهم، وتنشد أمامهم من قبل النشاد، واستغل ذلك الدساسون، فهمسوا في أذن بهاء الدولة، بأن الشريف يتعالى ويتكبر عليه، ولكن الشريف عرف ذلك فكتب إليه الأبيات التالية:
جناني شجاع إن مدحت وإنما * لساني إن سيم النشيد جبان وما ضر قوالا، أطاع جنانه * إذا خانه عند الملوك لسان ورب حيي في السلام وقلبه * وقاح إذا لف الجياد طعان ورب وقاح الوجه يحمل كفه * أنامل لم يعرق بهن عنان وفخر الفتى بالقول لا بنشيده * ويروي فلان مرة وفلان (153) وإذا طالعتنا ظاهرة المدح في شعر الشريف بأجلى صورها، سواء في الخلفاء العباسيين أو ملوك آل بويه أو الحمدانيين أو غيرهم من أمراء ووزراء أو وجوه، فإن هذا لا بد أن يكون مبعثه سبب يحل هذه المشكلة، وسوف نحاول أن نتصيد الدوافع التي فجرت هذه الظاهرة حتى نصل إلى الحقيقة التي نتوخاها، ولا نرضى للشريف الرضي بقاء هذا الطابع عليه، وفيه ما فيه من نقد يجل عنه الرضي، فهل دفعته الحاجة المالية إلى ذلك؟
2 - نفسيته وإباؤه:
لم يقل أحد ممن ترجم الشريف الرضي بأنه وقف على باب خليفة، أو سلطان، أو أمير، أو وزير من أجل طمع، أو مال، بل العكس، فقد أكدت الأقوال بأن الرضي كان لا يقبل الهدايا والصلاة المالية من أحد، وتصفه بعض المصادر فتقول:
" كان عفيفا شريف النفس، عالي الهمة،... لم يقبل من أحد صلة ولا جائزة حتى أنه رد صلات أبيه...