ورغم هذا التناقض في الاتجاهين، فإنهما كانا يخضعان في كثير من الأحيان إلى تلك التأثيرات الكامنة في أعماق الشاعر، وهي التي لا يمكن التخلص منها بأي حال لارتباطها بالجانب العقائدي أو المذهبي، فكانت من كل ذلك المحتوى: العاطفة الحزينة، والألم الحاد، والشكوى المرة.
وبرز هذا الطابع في شعر الرضي على مر لأهل البيت عليهم السلام، كما مثل مهيار الأسلوب المتطرف في قصائده العقائدية.
وكذلك برز هذا الطابع على شعر ابن الحجاج الذي يهرع عند الشدة فيقول:
خمسة حبهم إذا اشتد حزني * ثقتي عند خالقي وأماني قد تيقنت أنهم ينقلوني * من يدي مالك إلى رضوان (178) وإلى جانب الطابع المذهبي، الذي يختص ببعضهم، فإن الطابع السائد للجميع هو الشقاء والمعاناة، والشكوى من مر الأيام، ومتاعب الثورة.
فقد كان الشريف الرضي محور عصره في الناحية الثورية، والنقمة على الحاكمين، إنه يتفجر ساخطا عليهم مرة فيخاطبهم في قصيدة طويلة منها:
هيهات أغتر بالسلطان ثانية * قد ضل ولاج أبواب السلاطين هبوا أصولكم أصلي على مضض * ما تصنعون بأخلاق تنافيني كم الهوان كأني بينكم جمل * في كل يوم قطيع الذل يحدوني توقعوها وقد شبت بوارقها * بعارض كصريم الليل مدفون (179) وهكذا نصل إلى نهاية الحديث عن الشاعر المفلق، والعالم المبدع الشريف الرضي، الذي خلف للأمة الإسلامية قمة شموخ تتجلى بتراثه الجليل، في كلما أنتج عقله الوقاد، وفكره الثاقب.
والحديث عن الشريف طريق وعويص - كما أشرت في بداية البحث - وليت