سقى الله ظمان المنى كل عارض * من الدم ملان الملاطين حاشك (104) وحتى إذا بلغ العشرين من عمره ينفجر في صريح أمنيته، ولا يهاب من حوله مهما كانت سطوته وسلطته، فالموت أولى لإنسان يحمل هموم الطموح ولا يصل إليه. يريح ويستريح، يقول في مطلعها:
عذيري من العشرين يغمزن صعدتي * ومن نوب الأيام يقرعن مروتي إلى أن يقول:
ألا لا أعد العيش عيشا مع الأذى * لأن قعيد الذي حي كميت يخيفونني بالموت، والموت راحة * لمن بين غربي قلبه مثل همتي تريدون أن نوطى، وأنتم أعزة * بأي كتاب، أم بأية سنة فيا منبتي هل أنت بالعز مورقي * حنانيك كم أبقى وقد طال منبتي أما كملت عند الخطوب تجاربي (105) * أما خلصت عند الأمور رويتي أما أنا موزون بكل خليفة * أرى أنفا من أن يكون خليفتي ألست من القوم الأولى قد تسلقوا * ديون العلى قبل الورى في الأظلة (106) إن هذه القصيدة كشفت عن أمل الرضي، وهو يشجب فيها صريحا أن يكون الخليفة العباسي خليفته، ويعرض بالعباسين بوضوح، وبدون أية مجاملة، فهو نراه يقول بكل جرأة: " تريدون أن نوطى وأنتم أعزة " لا يمكن ذلك، إذ لا نص عليهم من كتاب أو سنة، فهو إذا غير متاق ولا مبالغ حين يعلن سخطه ويضيق بالواقع الذي فرض عليه، فيقول عام 387 ه:
في كل يوم يناديني لبيعته * مشمر في عنان الغي قد جمحا إلام أصفيكم ودي على مضض * وكم أنير وأسدي فيكم المدحا (107)