والبويهيون شيعة يعملون على رفع شأن مذهبهم، وتأييد طائفتهم، وهي قوتهم التي يستندون عليها في دعم سلطانهم، وكان التشيع الراية التي التف حولها المقهورون والمستضعفون والمحرومون من أسباب العدل الاجتماعي (118)، وبقيت كذلك على مرور الزمان، حتى أن معز الدولة البويهي (119) أول ملك بويهي في بغداد - أراد أن يحول الخلافة إلى أحد العلويين لولا أن أحد خواصه أشار عليه بقوله " إنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة، ولو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلين دمه، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة، كان معك من تعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته، فلو أمرهم بقتلك لفعلوا فأعرض عن ذلك " وأبقى اسم الخلافة للعباسيين، وانفرد بالسلطة (120).
3 - إن بغداد في العصر العباسي الثاني كانت الخلافة العباسية قد ضعفت فيها، وعند استيلاء آل بويه عليها، انتهت البقية الباقية من نفوذ الخليفة العباسي وأصبح البويهيون هم أصحاب الكلمة العليا، والقوة المسيطرة على العراق، والجزيرة وغربي بلاد العجم (121)، فقويت شوكة الشيعة وتنفست الصعداء بعد ضغط قاتل دام فترة طويلة عليها من قبل العهدين الأموي والعباسي، عانوا فيه الضيم وألوان الظلم والقمع والقتل والتهجير والتعذيب ومصادرة الأموال، وساعد على تعزيز انتشار الشيعة وجود الدولة الفاطمية في مصر، والتي كانت ترفع شعار الشيعة الإسماعيلية (122)، وتنشر مبادئها، وتدعو إلى أحقية الإمام علي عليه السلام بالخلافة من الأمويين والعباسيين.
كما كان للدولة الحمدانية التي ملكت رقعة كبيرة من الأرض العربية - تمتد من حلب إلى موصل وديار بكر خلال سبعين عاما من القرن الرابع الهجري (123) - الأثر