يريدون أن نرضى وقد منعوا الرضا * لسير بني أعمامنا غير قاصد كذبتك إن نازعتني الحق ظالما * إذا قلت يوما إنني غير واجد (114) 2 - إن وصول البويهيين إلى حكم العراق، وامتداد سلطانهم حتى على الخلفاء العباسيين بحيث أصبح بإمكانهم أن يخلعوا خليفة عباسيا، وينصبوا آخر بمكانه، وأنهم أصحاب السلطة الفعلية والمتحكمة في المنطقة، بحيث " بقي الخليفة العباسي رمزا تثار حوله الشكوك في صحة خلافته "، دعا الشريف الرضي - وقد أدرك هذه الحقيقة لدى البويهيين - بأن يوثق صلته بهم، وخاصة ببهاء الدولة الذي دام حكمه فترة طويلة، وهو الذي أمر بخلع الطائع لله، وتنصيب الخليفة المقتدر مكانه، ولذا صار الرضي يكيل المدائح والثناء على البويهيين، وخاصة على بهاء الدولة لشد روابط الصلة بينهما، بصفته صاحب القوة والمكنة في إحداث أي تغيير سياسي في بغداد، وهو يجهر بهذا الأمر ولا يخشى ناقدا، فيقول:
وما قولي الأشعار إلا ذريعة * إلى أمل قد آن قود جنيبه (115) وإني إذا ما بلغ الله غاية * ضمنت له هجر القريض وحوبه (116) ومبدأ الطموح أثر في الشريف الرضي إلى درجة الانسجام مع ظاهرة المديح لمن يهمه أمره، كما رأينا في أسلوبه بالتعامل مع بهاء الدولة البويهي خاصة لغرض تحقيق الأمنية.
فلنستمع إليه وهو يرسل قصيدة إلى وزير بهاء الدولة - في هذه المرة - يضمنها عتابه في موضوع خاص بينهما، ثم يخاطبه قائلا:
ألا أبلغا عني الموفق قولة * وظني أن الطول منه جوابها أترضى بأن أرمي إليك بهمتي * فأحجب عن لقيا علا أنت بابها إلى أن يقول:
وعندي لك الغر التي لانظامها * يهي أبدا أو لا يبوخ شهابها (117)