آماله ما أراد، أو وقف به الشوط إلى حد لم تملأ عينيه زهوة الطموح؟ لا بد لنا ونحن في هذا الميدان أن نمر بالشريف الرضي من جوانبه المشدودة بهذا الشموخ، لنحدد على ضوئها الصورة التي نريد رسمها له.
2 - أغاني الطموح:
للرضي آمال عذاب، نمت معه وهو فتى، أرهقه الزمان ولم تكتحل بعد عيناه بالعقد الثاني من عمره، فشمر لها بعنفوان الرجل الصلد، وتدرع في سبيل الصعود من أجل تحقيقها بقوة الأبطال، ثم خاض غمار الأيام وهو صوال جوال فيها، وكان أمله العذب لا يفتر من ذكراه، ولا يبعد رسومه من حنينه كلما واتته الفرصة، أنه يتطلع إليه، وينتظر النور في الصباح الباكر، ليرصد خطوات الشمس حتى يترجم أحلامه إلى عمل، ويستقبل أصحابه ليحكي لهم قصة الطموح الذي ملأ كل قلبه، وسيطر على مشاعره، وما هدأ لسانه عن التغني به، يغني وآماله مشدودة إلى النجوم، لا يريد أن ينظر إلى الأرض بل إلى العلى، وجناحا النسر لا يخفقان هلعا من مقابلة العاصفة، فإنه أقوى مضاء منها، يقول:
أرى نفسي تتوق إلى النجوم * سأحملها على الخطر العظيم وإن أذى الهموم على فؤادي * أضر من النصول على أديمي وإني إن صبرت ثنيت عزمي * على طرف من البلوى أليم ولي أمل كصدر الرمح ماض * سوى أن الليالي من خصومي (97) بماذا تتوق نفس الرضي، وسيحملها من أجل ذلك على خطر عظيم؟ هل غير الطموح الذي يتلهف له كلما مر عليه ليل، وأشرق على ناظريه صبح، قد تكون نقابة الطالبيين همه بعد أن كانت بردا لأبيه الشريف، فانسلخ عنها حين غضب عليه عضد الدولة، فصرفها عنه، وثم بعد فترة من الزمن أتت إليه وتحلى ببردها، لكن هذه لم تخفف من نجواه، إنه يصرح بأنها لم تكن بغيته الحقيقية، فيقول:
لو كنت أقنع بالنقابة وحدها * لغضضت حين بلغتها آمالي