لكن لي نفس تتوق إلى التي * ما بعد أعلاها مقام عال (98) إذا ليست نقابة الطالبيين هي الأمل المنتظر للشريف الرضي، لا بد أن نغذ السير معه في آماله العريضة لنرصد ما يريد، أنه يكاد يوضح معالمها في هذه الأبيات:
وعن قرب سيشغلني زماني * برعي الناس عن رعي القروم (99) وما لي من لقاء الموت بد * فما لي لا أشد له حزيمي سألتمس العلا إما بعرب * يروون اللهاذم (100) أو بروم (101) وفي هذه الأبيات دلالة قوية على الأمر الذي يكاد يتفجر في نفسه، ذلك الذي سوف يقصده، حتى وإن اقتضى منه حياته، فهو قادم عليه إما بقوة العرب أو الروم.
المهم أن يصل إليه، ويحقق أمانيه بأية وسيلة كانت مقبولة.
لنبحث عن هذا الهاجس الذي يكمن في ذهن الشريف الرضي، ويحاول أن ينساب من ثنايا التلميح والإشارات التي تبدو من خلال شعره، ولعلنا نمسك بأول الخيط حين نقرأ قصيدته التي يمدح فيها والده عام 374 ه وهو قيد الإقامة الجبرية في فارس، يقول فيها:
إذا ذكروه للخلافة لم تزل * تطلع من شوق رقاب المنابر لعل زمانا يرتقي درجاتها * بأروع من آل النبي العراعر (102) هذه بداية الطموح، فهو لم يصل بعد السادسة عشر من عمره ويتمنى الخلافة لأبيه ثم ينعطف في البيت الثاني منتظرا هذا الأمل الرائع الذي انبلج في ذهنه، كأنه الصبح فبقي ينشر ضوءه على طول الأيام.
ثم يستمر في مناغاة هذا الأمل، حيث يشير إليه مرة ضمن قصيدة يقول فيها:
ولي أمل من دون مبرك نضوه * يقلقل اثباج المطي البوارك (103)