المركبات الخارجية أو لا يبقى منه شئ فهذا إعدام لشئ وإيجاد لآخر لا الانقلاب، بل الانقلاب الحاصل في المقام نظير الانقلابات الواقعة في النطفة بتبدل صورتها إلى صورة العلقة ثم إلى صورة المضغة ثم إلى صورة العظم واللحم والشحم والأعصاب والأوردة، فإن للأعمال كبعض الحقائق والطبائع قوس صعود وقوس نزول، فقد يرتقي ويصعد ويتجلى في صورة عالية راقية ظاهرها ثم في قوس - النزول يصير أخس بحيث لا يشبه صورته العالية الأولية ثم إن في تلك المراتب المنازل يتصور بصورة تناسب تلك المرتبة وذلك المنزل وقد يكون على عكس هذا، فإحسانك إلى أحد يوجب حبه لك ويتجسم في نفس من أحسنت إليه بصورة الحب الذي هو من حالات النفس ثم في مقام الجزاء يتمثل بصورة هدية عالية غالية تهدى إليك فتلك المهدى كان هو الإحسان والخير الذي صدر منك وتصور بتلك الصورة (ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) وفي الحديث - وإنما هي أعمالكم ترد إليكم - ذلك بما كسبت أيديكم.
ثم لما كان المؤمن محبوبا لله تعالى لفناء ذاته في الله بحيث لا يريد ولا يتحرك ولا يعمل إلا من حيث أراد الله تعالى وأمره فالإحسان إليه إحسان إلى الله تعالى ولذلك أنه تبارك وتعالى يقول: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " فكل من أحسن إلى مؤمن وأهدى هدية إلى عبد صالح من عباد الله فكأنما أحسن إلى الله وأهدى إليه فإذا وصل إلى مقام قربه تعالى وقبله قبولا حسنا لخلوصه في قصده وعمله يتشكل في مقام الوصول إلى مرتبة الجزاء بشكل مخصوص يناسب ذلك العمل وطوره - ففي الكافي في باب إدخال -