مقام التكون وهذا محال كما بين في محله - الثاني لزوم خلوا حد النفسين بلا بدن وعدم إمكان الحشر بالنسبة إليه وهذا باطل لصراحة الآيات والروايات بحشر جميع أفراد الإنسان بل الحيوان وإن قلت يتعلق به النفسان فهذا أيضا باطل غير معقول للزوم صيرورة البدن الواحد ذا نفسين وذا شخصيتين!
وأجيب عن الشبهة أولا - بأن ما يصير جزءا للبدن هو سلالة الأطعمة والفواكه والبقولات والحبوبات وغيرها ومنشأها المياه المنزلة من السماء أو النابعة من الأرض الممزوجة مع أجزاء مخصوصة من نفس تراب الأرض " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين " (1) وأما غيرها فيكون من المعدات والمقويات الموجبة لكمال الاستعداد و إفاضة الصور عليها من الخالق المصور وكذلك الأمر في النباتات والأشجار. وثانيا - المستفاد من بعض الروايات أن ما يتعلق به الأمر التكويني بالإحياء والرجوع عند قيام الساعة ويوم الحشر إنما هي الطينة الأصلية التي خلق منها وهي تكون بقدر الذر على ما حقق في محله، حيث روي أن الإنسان ليبلى في القبر حتى لا يبقى منه عظم ولا لحم ويفنى منه كل شئ إلا طينته التي خلق منها فإنها تبقى في القبر مستديرة ليخلق منها كما خلق أول مرة فبحول الله وقوته يحصل لها الرشد والكمال حتى إذا صارت إنسانا كاملا وبدنا تاما فينفخ فيه روحه الذي فارقه ويتعلق به نفسه التي قد تمثل بقالب مثالي كما أنشأ أول مرة " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة