طهارة آل محمد (ع) - السيد علي عاشور - الصفحة ١٨٩
وعليه، فحمل الإرادة على التشريعية يعني أمر أهل البيت (عليهم السلام) بتكاليف وأحكام إذا طبقوها يعطيهم الله الطهارة وهم فيها كبقية الناس، سوى كونهم سببا لنزول الآية، وهذا ليس امتيازا إذ كل الآيات لا بد لها من سبب للنزول، وقد كان في بعضها أبو لهب سببا.
ويشير إليه قوله تعالى: * (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد الله ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) * (1).
فالله تعالى يريد التطهير التشريعي لجميع عباده ويحثهم عليه، فلا معنى لاختصاصه بآل محمد (عليهم السلام)، فهو عام يشمل الجميع.
فإذا انتفى كون الإرادة والتطهير تطهيرا تشريعيا في آية التطهير، فيتعين كون الإرادة تكوينية والتطهير أزليا.
وهذا ما يستفاد من تصدر الآية ب‍ * (إنما) * المفيدة للحصر والتخصيص.
* الدليل الثاني:
إن المقام من باب الاشتراك اللفظي بين الإرادتين، وعادة عند فقدان القرينة الصارفة لأحد المعنيين، يحمل اللفظ على المعنى الأكثر شيوعا وغلبة.
والمتتبع لاستعمالات الإرادة في القرآن الكريم، يجد شيوعها في الإرادة التكوينية، فقريب من مائة مورد استعملت في القرآن، وفي المقابل أقل من تسعة موارد استعملت في الإرادة التشريعية.
إن قيل: هناك قرينة صارفة، وهي الأحكام التي سبقت في آيات نساء النبي (صلى الله عليه وآله).
قلنا: آية التطهير آية معترضة كما تقدم، وهي أجنبية عن الأحكام المتعلقة بالآيات الأخرى.
* الدليل الثالث:
أن يدعى في المقام وجود قرينة صارفة على الإرادة التكوينية، وذلك أنه تقدم أن الفرق

(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»