شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٢٢٨
قالوا مكانك قد جئنا بواحدة * وجئتنا بثلاث لا تباليها فأت البيوت من الأبواب يا عمر * فقد يزن من الحيطان آتيها واستأذن الناس لا تغشي بيوتهم * ولا تلم بدار أو تمحيها ولا تجسس فهذي الآي قد نزلت * بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها فعدت عنهم وقد أكبرت حجتهم * لما رأيت كتاب الله يمليها وما أنفت وإن كانوا على حرج * من أن يحجك بالآيات عاصيها وهنا أقول. إن لم يكن الشاعر مستهزئا بالخليفة وطاعنا بعمله وجهله وتلكئه من العمل الذي أثبت فيه عدا أنه خالف النصوص المذكورة وكان عليه إن كان وهو يطلب العدالة أن يقدمهم ويقدم نفسه على مخالفته ومخالفتهم لنصوص القرآن ويعتزل أمرا أهان به مركز الخلافة الرفيع. أعمال ينهى عنها أحقر الناس ذلك التجسس بنفسه، وتسلق البيوت. ودخولها بدون إذن وقد نهى عنها الله في كتابه غير نهي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهي بذاتها رذيلة لا يرتكبها ذو فضيلة له ضمير ووجدان وعقل وجنان ومن أين وأنت تتسلق وتتجسس ليثبت لك ذلك. فإن ثبت كان لك أن تلقي عليهم البينة بغيرك، لا تلقي على نفسك البينة فيها بشهادتهم بجرمك في ثلاث. هذا إذا كان الشاعر جادا بتخلف عمر وتحديه النصوص أي عمل تريده من عملك وأنت أحب الناس لتعاطيها ولا زلت تتعاطاها باسم النبيذ الشديد بعذر أنها لازمة لهضم لحوم الإبل فإن صح ذلك فلماذا حدك من يشربها نعم ويشرب من نبيذك وسندلي بذلك في الآتي القريب بإسناده (1). أم تريد أن تظهر قدرتك على التجسس وهي لوحدها رذيلة تضع من شرف الشخص فكيف بخليفة للمسلمين وبأي حق تتسلق بيت غيرك وتلج داره، وبعد هذا تقف مبهوتا أمام حججهم الدامغة فأي خليفة أنت للمسلمين وأنت

(1) مر تفصيل ذلك في الكتاب الرابع من موسوعتنا المحاكمات.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»