ونحن معاشر العدلية وإن التزمنا بها، لكن أنى لفقيه الإحاطة بمصالح أفعال تعالى الله وأحكامه، فإن عمله تعالى محيط بالمصالح والمفاسد غير المتناهية، والعقول الناقصة لأفراد البشر يمتنع عليها الإحاطة بالمصالح والمفاسد غير المتناهية، فلا يمكن لها استكشاف حكم الله بمجرد ملاحظة مصلحة أو مفسدة في مورده.
نعم لو ورد في النص المأثور تعليل للحكم وكانت العلة عامة شاملة لغير مورد النص، كان دليلا على عدم اختصاص الحكم بمورد النص، وشموله لما وجدت فيه علته.
والذي أوقعهم في البدعة في أحكام الشريعة هو إعراضهم عن الطريقة التي عينها رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمين لتلقي أحكام الإسلام، بقوله المشهور المتواتر (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما) فجعل أهل بيته حجة عليهم ككتاب الله تعالى، وبين أن علم الشريعة مودع عندهم قال (أنا مدينة العلم وعلي بابها) وقال علي عليه السلام (علمني رسول الله ألف باب من العلم ينفتح من كل باب ألف باب) وأودعها علي عند الأئمة المعصومين، وورثوها واحدا بعد واحد سلام الله عليهم أجمعين.