سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ٢٨
" نوح " القرآن الكريم تضمن بين طياته حكايات عن ماض سلف أراد منها أن تكون في محط أنظار رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رسالته وفي مواجهته مع الأعداء وفي تحركه بالتبليغ ، والسر في ذلك أن الأعداء مهما حاولوا فإن وسائلهم في المواجهة تتحد بعيدا عن ظروف الزمان والمكان فهم يستخدمون نفس الأساليب عندما يواجهون البرهان والحجة القاطعة فيتحركون من قواهم الغضبية والشهوية، أما صاحب البرهان والدليل القاطع يتحرك على أساس ما يمليه العقل في اتباع مقدمات البرهان إذا كانت بديهية ومسلم بها.
فذكر لنا القرآن الكريم النازل على صدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) قصص كثيرة ليستأنس بها الرسول وستخرج منها طرق وأساليب المواجهة ويتعرف على ما فعله المشركون مع الأنبياء (عليهم السلام) وإن كانت تفصيلات هذه القصص غير مذكورة لأن الهدف من القرآن هو بيان الرسالة والخط العام الذي تتحرك فيه فقصة نوح سلام الله عليه ابتدأت بالإنذار حيث قال تعالى.
* (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين) * (1) فالهدف من إرساله هو هداية قومه وجعله نذيرا لهم من يوم لا ينفع فيه شئ إلا من اتبع الحجة والبرهان القاطع وسار خلف عقله ومنطق الإنسانية الفطري فكلمة * (نذير مبين) * أجملت رسالة نوح بكاملها بأوجز كلمة وأسهل عبارة ثم بدأ القرآن الكريم يشرع في ذكر الموارد المفيدة في القصة فقال: - * (أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم) * (2) هذا المنطق النبوي الذي جاءت به كل رسالات السماء وهو العبودية المحضة لله تعالى والتوجه الخالص المنقطع عن كل شئ خارج إطار التسليم فهو يقول:
* (أن لا تعبدوا إلا الله) * (3) أي لا رب ولا خالق ولا مكون في الوجود سوى الله تعالى فلا مفر منه إلا إليه بطاعته والتسليم الكامل الغير مشوب بشرك في الإعتقاد والعمل ثم قال * (إني أخاف

(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»