منه ولاية البيت بزق خمر وبعود فضربت العرب المثل فقالت أخسر صفقة من أبي غبشان. وقيل: إحليل من حبشة أوصى قصيا بذلك وقال أنت أحق بولاية البيت من خزامة. عندها جمع قومه وأرسل إلى أخيه من قضاعة يستنصره، فحضر في قضاعة في الموسم. وكانت صوفة تدفع بالناس من عرفات وتجيزهم إذا تفرقوا من منى. فأتاهم قصي ومن معه من قومه ومن قضاعة فمنعهم وقال نحن أولى بهذا منكم، فقاتلوه وقاتلهم قتالا شديدا فانهزمت صوفة. وغلبهم قصي.
فانحازت خزاعة بعد أن عرفت أنه سيمنعهم كما منع صوفة، وكثر القتال بين خزاعة وبني بكر من طرف وقصي وقضاعة من طرف آخر. ثم تداعوا إلى الصلح.
على أن يحكموا بينهم عمرو بن عوف بن كعب بن ليث من كنانة، فقضى بينهم بأن قصيا أولى بالبيت من خزاعة وإن كل دم أصابه من خزاعة وبني بكر موضوع يشدخه تحت قدميه وإن كل دم أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وبني كنانة ففي ذلك الدية مؤداة (1).
تولى قصي الزعامة بعد أن حكم له عمرو بن عوف بالأحقية في ولاية البيت.
وهو أول رئيس ووردت الأخبار أنه لم شعث قومه وجمعهم من الأودية والشعاب والجبال إلى مكة. وابتنى مقر رئاسته وسمي دار الندوة. يجتمع فيه أعيان قريش ويقرون ما شاؤوا من الأحكام في أمور السلم والحرب. فكان يشيد المجلس النيابي أو مجلس الشورى. وسن تشريعات جديدة يقتضي بعدم أحقية من لم يبلغ الأربعين من السنين أن يدخل هذه الدار. وكلما توسعت مكة وكثر سكانها روادها والمهاجرين إليها. كلما تعدد الأغراض وتوسعت المهام فأحتاج إلى نظام إداري أفضل. وخاصة بعد أن أصبحت مكة وأسواقها المركز التجاري الأول في العالم للاختلال الذي وقع في النقل البحري بسبب الصراع القائم بين الدول العظمى والروم والفرس والأحباش فأصبح الممر التجاري البري أكثر أمانا فاندفعت آلاف الإبل تنقل البضائع وتحط الرجال في مكة المحطة العالمية الأمينة. خاصة بعد انهدام الممالك العربية في أطراف الجزيرة ودخول الأحباش لها.
عند ذلك عمد قصي أن يؤسس نظاما إداريا أشبه ما يكون بالنظام الجمهوري فكان هذا النظام قائمة على أساس تقسيم المهام وتوزيعها على مجموعة أفراد. والمهام هي:
1 - السدانة وهي الحجابة وباستطاعة المتولي فتح الباب وغلقها لأن المفتاح بيده.
2 - دار الندوة ويمكن أن نعبر عنها مجلس الشورى والقضاء.