إعادة حفر زمزم لما تكامل لعبد المطلب مجده وأقرت له قريش بالفضل رأى وهو نائم في الحجر، آتيا أتاه فقال له قم يا أبا البطحاء واحفر زمزم وتكررت الرؤيا وفيها علامات تدل على مكان زمزم فانطلق فأتى بمعول وابنه الحارث وحيده فاجتمعت إليه قريش فقالوا ماذا تفعل فقال أمرني ربي بما يروي الحجيج لأعظم فاعترضوا ولم يكترث باعتراضهم فلم يحفر إلا قليلا حتى بدا الطي فكبر واجتمعت قريش وعلمت ما رأت الطي أنه صادق. وحفر حتى وجد سيوفا وسلاحا وغزالين من ذهب. فضرب من الأسياف بابا للكعبة وجعل أحد الغزالين صفائح ذهب في الباب وجعل الأخرى في الكعبة (1).
يدعي الأخباريون أن عبد المطلب لم يكن له من الولد أولا إلا الحارث فنذر لله إن رزقه الله عشرة أولاد أن يذبح ولدا قربانا لله، ولما تكاملوا عشرة بولادة عبد الله وهو أجملهم وأكثرهم خصال كريمة جمعهم وأقرع بينهم فكانت القرعة على عبد الله خصهم على أن يفي بنذره ويضحي بولده المذكور، ولما عرفت قريش منه الجد في ذلك اجتمعت عليه لتصرفه عن هذا الأمر لئلا يصبح سنة بين العرب، واقترحوا عليه أن يأخذ مائة من الإبل ويقرع بينها وبين عبد الله ففعل ذلك ثلاث مرات فجاءت القرعة في كل مرة على الإبل فنحرها وتركها للناس فتواثبوا عليها من كل جانب. ويذكر أن دية القتل لهذا أصبحت مئة من الإبل (2).
ومن الأمور التي حدثت أثناء زعامة عبد المطلب وأعطته دفعة معنوية وجعلت الناس تكن له الاحترام وتهابه. قصة الفيل التي ذكرها القرآن الكريم في سورة الفيل (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل.
فأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل).
وخلاصة القصة التي ذكرتها جميع التفاسير وكتب التاريخ المطولة والمختصرة، هي أن إبرهة الأشرم أحد قواد النجاشي الحبشي العظام لما فتح اليمن بنى كنيسة كبيرة أراد بها أن يصرف العرب عن حج مكة إليها. فتغوط بعض العرب فيها وقيل هدم بعض جدرانها بصد الإهانة فعزم إبرهة أن يسير إلى مكة فيهدمها. وإن مقدمات إبرهة أصابت نعما لقريش فأصابت فيها مائتي بعير لعبد المطلب.
فاستأذن عبد المطلب الملك. فلما رآه أكرمه ونزل من سريره وجلس بجنبه. ثم قال له ما حاجتك قال حاجتي أن ترد إلي إبلي فاستصغره الملك. فأجابه عبد المطلب أنا أكلمك أيها الملك في مالي ولهذا البيت رب يحميه فراع ذلك الملك. وإن عبد المطلب أمر قريش أن يخرجوا إلى رؤوس الجبال. بعد أن قالوا لا طاقة اليوم لنا بأبرهة