الصابرين) (١) ويحاول إبراهيم أن ينفذ الأمر في ابنه ﴿ولما أسلما وتله للجبين﴾ (٢) تنفيذا لأمر الله وعندما وضع السكين على رقبته أدركته الرحمة الإلهية فجاءه النداء الإلهي ﴿أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. وإن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم﴾ (3).
وانطلق إسماعيل يبدأ خطى الحياة من جديد. بعد أن أصبح مؤهلا للزعامة الدينية والدنيوية. ويحسن إدارة مكة مستعينا بأبناءه الاثني عشر وعلى رأسهم نابت وقيدار. الذين يرتبط نسب العرب المستعربة بهم والذين نزل القرآن بلغتهم.
ولذلك كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يقول أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل وعبد الله وورد عنه (صلى الله عليه وآله) كذلك. " إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما " وكان يقصد هاجر أم إسماعيل المصرية ومارية أم إبراهيم زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) القبطية المصرية ولما حسنت إدارة مكة على عهد إسماعيل وبنيه كثرة الهجرة إلى مكة وتمصرت وخاصة بعد خراب سد مأرب حيث انتشرت الأقوام المحيطة في السد وقسم منها هاجر إلى مكة. ويستدل من بعض الأخبار أن مكة قد عمرت بالسكان في عهد إسماعيل حتى كان لها نظام حكم وسلطة وإدارة خصوصا أن مكة كبرت واتسعت وتشابكت مصالح سكانها. وأصبحت لها مواسم تختلف مهماتها من طقوس دينية وعروض تجارية وغير ذلك (4). وبقيت هكذا تزدهر إلى أن توفي إسماعيل وجاء من بعده ابنه نابت وكان الرئيس بعده والقائم بالأمور والحاكم المطلق في مكة والناظر في أم البيت وزمزم. ثم جاء بعد نابت قيدار ابن إسماعيل وسار بالطريقة التي سار بها أخيه نابت وأبيه إسماعيل (عليهما السلام).
زعامة جرهم:
اختلف المؤرخون في إدارة مكة بعد أبناء إسماعيل نابت وقيدار فمن قائل إن إدارتها كانت لجرهم بعد أبناء إسماعيل وآخر ينسب ذلك إلى العماليق وثالث يقول أنها كانت مشتركة بين جرهم والعماليق ثم حدث صراع بينهم أدى إلى نفي العماليق عن مكة وسيطرت جرهم عليها، وآخر يوصي ذلك الحدث من الصراع مع " طسم " أو أبناء قنطورا إلا أن أشهر الأخبار تشير إلى أن الذين تولوا إدارة مكة بعد أبناء إسماعيل هم جرهم. وهم الذين تزوج إسماعيل منهم زوجته. إلا أنه كذلك أختلف في كيفية استيلائهم على الإدارة هل كانت بالحرب والقوة أم بالسلم واختلف كذلك هل أن جرهم كانت تسكن مكة أو قريب منها قبل إبراهيم