وجيشه بينما التجأ عبد المطلب إلى الكعبة وهو يدعو.
لا هم أن المرء يمنع رحله فامنع جلالك.
لا يغليوا بضيلبهم ومحالهم عدوا محالك.
فأظهر من الجلد والشجاعة والثقة بالله ما لم يظهره أحد غيره فكان لهذا أثره البالغ عند عامة العرب وتضاعفت ثقتهم به فاتسعت زعامته في خارج مكة. بعد أن رأوا مكر الله بأبرهة وجيشه وفيله وهي لا تلوي على شئ فارة مذعورة والطير وراءها يسقط عليها تلك الأحجار فأين ما وقعت قتلت صاحبها، وآخر من قتل أبرهة على مشارف اليمن فانشقت بطنه فإلى لعنة الله (1).
ومن مفاخره أنه من القلائل الذين أقروا بالتوحيد وتركوا عبادة الأوثان وبقي على دين إبراهيم (عليه السلام) (2).
وكذلك حضانته لرسول الإنسانية حتى كان يقدمه على أولاده. وبالرغم من وجود أمه وانصرافها إليه فلقد أصبح الشغل الوحيد لعبد المطلب وأعز شئ لديه وأوكل أمر إرضاعه إلى جارية لولده أبي لهب تدعى ثويبة. وضم إليه اليتيم وأمه، ثم رأى أن يرسل حفيده إلى بادية سعد ليرضع هناك وينشأ ويتعلم في البادية النطق بالكلمات كما كانت عادة الأشراف في مكة. وكان عبد المطلب قد تعود أن يستظل نهارا بالكعبة على فراش مرتفع يحيط به ولده وأشراف مكة فيأتي محمد (صلى الله عليه وآله) وهو غلام صغير فيثب على الفراش جده فيأخذه أعمامه ليصرفوه عنه فيقول لهم دعوه إن لابني هذا شأنا عظيما (3).
وعند وفاته أوصى عبد المطلب إلى ابنه الزبير بالحكومة وأمر الكعبة وإلى أبي طالب برسول الله وسقاية زمزم وقال له قد خلفت في أيديكم الشرف العظيم الذي تطأون به رقاب العرب.
وروي عن رسول الله أنه قال: إن الله يبعث جدي عبد المطلب وأمه واحده في هيئة الأنبياء وزي الملوك.
فكفل رسول الله بعد وفاة عبد المطلب أبو طالب عمه فكان خير كافل. وكان أبو طالب سيدا شريفا مطاعا مهيبا رغم إحلافه.
قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) أبي ساد فقيرا وما ساد فقير قبله (4).