الإنسانية بالعبودية لله وحده، والخضوع الواعي والطوعي لسلطته.
كما حررت الإنسان من شهوات نفسه ومن عبادة مظاهر الطبيعة من حوله، ومن الأساطير والخرافات في الاعتقاد والسلوك.
ومن خلال عملية تحرير الفكر، قامت بعملية البناء، فأعطت مكانة كبيرة للعقل واعترفت بدوره وفتحت أمامه آفاقا معرفية واسعة، كما فتحت أمامه نافذة الغيب، وأطلقته من أسر دائرة الحس الضيقة، ووجهت طاقته الخلاقة للتأمل والاعتبار في آيات الله الآفاقية والأنفسية، وجعلت من تفكره هذا عبادة هي من أفضل العبادات.
ولم تقتصر على ذلك بل وجهت طاقة العقل لاكتشاف السنن التاريخية الحاكمة على الأمم والشعوب، كما وجهت العقل للنظر في حكمة التشريع لترصين قناعة المسلم بشريعته وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
من جهة أخرى دفعت العقيدة الإنسان إلى كسب العلم والمعرفة، وربطت بين العلم والإيمان، فكل تفكيك بينهما سوف يؤدي إلى عواقب وخيمة، كما وجهت العقل للنظر المستقل والملاحظة الواعية واستنباط النتائج من مقدمات يقينية، ودعته إلى عدم التقليد في أصول الدين.
2 - على الصعيد الاجتماعي: قامت العقيدة بدور تغييري كبير، فبينما كان فكر الإنسان الجاهلي منصبا حول ذاته ومصالحها، غدا بتفاعله مع إكسير العقيدة يضحي بالغالي والنفيس في سبيل مبادئ دينه ومصالح مجتمعه.
وأزالت العقيدة التناقض القائم بين الدوافع الذاتية المتمثلة بحرص الإنسان على مصالحه وبين مصالح الجماعة من خلال إثارتها للشعور الاجتماعي للفرد نحو الآخرين.