وهذا الموقف التربوي العجيب:
ليس الاقتداء وقفا على ميدان الخلق الفردي والاجتماعي، بل له أفق واسع سعة آفاق الحياة، فكم سيتعلم الحكاء والساسة من دروس صانعي التاريخ ومهندسي الفكر! لننظر في هذا الحدث - الذي قد يبدو صغيرا - في تاريخ أمير المؤمنين (عليه السلام)، متطلعين إلى ما يعكسه من صورة القائد القدوة والإمام الأسوة، وإلى ما يمكن أن نستلهم منه في جوانب حياتنا، فردية كانت، أو اجتماعية:
قام أعرابي يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين أتقول أن الله واحد؟
قال: فحمل الناس عليه وقالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب؟!
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم!) ثم قال (عليه السلام): (يا أعرابي إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل، ووجهان منها يثبتان فيه. فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل: واحد، يقصد به باب الاعداد، فهذا ما لا يجوز، لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، أما ترى أنه كفر من قال: إنه ثالث ثلاثة، وقول القائل: هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز لأنه تشبيه، وجل ربنا وتعالى عن ذلك. وأما الوجهان الذي يثبتان فيه: فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبه كذلك ربنا. وقول القائل: إنه عز وجل أحدي المعنى يعني به أنه لا ينقسم